الروسيا في البلقان أولاً: الاستيلاء على آبار البترول في رومانيا، وثانياً: الوصول إلى مضيقي البوسفور والدردنيل كما قلنا من قبل، ونجاحها في الحصول على هذه الأغراض رهن بالظروف التي تعدها الدول المتطاحنة.
نصيب إيطاليا
وانحط مركز إيطاليا في التطاحن الحالي، فبعد أن كان لها صوت مسموع ومركز محترم في البلقان أصبحت كلمتها ثانوية ومن قبيل الاستشارة فحسب، إذ أصبحت تابعة لهتلر تستمد من خططه خطهها، واضطرتها ظروف الحرب الحالية إلى الخضوع للخطط الألمانية خضوعاً تاماً.
وقبل أن تنغمر إيطاليا في سياسة المحور كانت ذات أطماع كبيرة، ولم يكن استيلاؤها على ألبانيا إلا خطوة لاعتبارها هي من دول البلقان، فمن ألبانيا فتح أمامها الطريق إلى بلاد اليونان ويوجوسلافيا، فضلاً عن أنها أتمت سيطرتها على بحر الأديارتيك ووضعت منافذ يوجوسلافيا البحرية تحت سطلتها، فإن مضيق أترنتو لا يتجاوز طوله٤٠ ميلاً يسهل أقفاله بالألغام أو السيطرة على منبع مائه بالمدافع الساحلية.
ويرجع اهتمام إيطاليا بالبلقان على ما قبل الحرب الماضية، فكانت المنافسة بينها وبين الإمبراطورية على أشدها في البلقان وخصوصاً في ألبانيا؛ فأنشأت كل منهما عدة مدارس لنشر ثقافتها في تلك البلاد، وكانتا تتنافسان في جذب الطلبة إلى معاهدهما فتقدمان لهما الملابس والغذاء مجاناً، وكانت كل منهما تحرص على عدم إغضاب الطلبة وتوقيع العقوبة القاسية عليهم حتى لا ينتقلوا إلى مدارس الأخرى.
ولسياسة إيطاليا القديمة يفضلها البلقانيون على ألمانيا ولكن ضعف إيطاليا الحالي واعتمادها على ألمانيا دفعا بالدول البلقانية إلى الارتماء في أحضان ألمانيا لحمايتهم من أطماع الروسيين.
ولا نستطيع أن نجزم الآن بما سينتج من المحادثات الدبلوماسية التي تدور الآن، ولكنه من الواضح أن الدولتين اللتين تسعيان لسيطرتهما على دول البلقان هما الروسيا وألمانيا، فرومانيا تستغيث بألمانيا وتقدم لها فروض الطاعة، وتسير لها التجارة أملاً في حمايتها، ولإيجاد مصالح قوية تحتم على ألمانيا الدفاع عنها.