والعلاقات بين هذا الغرض الفلسفي وبين النظريات الجابرية في العلم الإلهي التي هي الغرض الفلسفي وبين النظريات الحقيقية لهذا الأدب الجابري.
فالنظريات العلمية التي احتوت عليها هذه المؤلفات قيل إنها ليست شيئاً آخر غير معلومات محمد (صلى الله عليه وسلم) و (علي ابن أبي طالب) وأستاذ جابر (جعفر الصادق)، وهذه الخرافة تذهب إلى حد أنها تفسر بعض نصوص القرآن على ضوء الكيمياء كما ينسب لعلي بعض المحاضرات في موضوعات كيميائية، وفي بعض هذه النصوص يظهر بعض المذاهب التي تتفق تماماً وما تقول به فرقة الإسماعيلية من الناحيتين الفلسفية والعملية، ومن ثنايا أفكار هذه المدرسة الدينية التي رئيسها وإمامها وأستاذها الإمام جعفر، يمكن أن يفهم المعنى الكامن في نظريات جابر ابن حيان، وهذه الحقيقة تثبت عرضاً أي في كل هذه المؤلفات إنما ترجع أصولها إلى النصف الأخير من القرن التاسع أو النصف الأول من القرن العاشر للميلاد أي القرنين الثالث والرابع من الهجرة، أو قل في ذلك بلغ فيه الإسلام الذروة في هضم الفكر اليوناني، وهكذا يمكن أن ترد تلك الثروة العلمية والفكرية التي توجد في مؤلفات جابر بن حيان.
مناقشة رأي الأستاذ رسكا
الأستاذ رسكا في نقده لكتب جابر الثلاثة: الرحمة، الملك، الموازين، لا يحتاج لكثير عناية لتنفيذه، إذ أن رسكا يتناول الموضوع من ناحية سلبية بحتة، مثل الأستاذ رسكا في ذلك كمثل اثنين يتحاوران، بعد أن عرض أحدهما رأيه قال له الآخر كلا إنك مخطئ وتركه ومضى في طريقه، فهو لم يبين له لماذا هو مخطئ وما هو صواب هذا الخطأ، كذا الحال في نقد رسكا لهذه المؤلفات الثلاثة، فهو يقول إنها ليست لجابر بن حيان، فهل ينتظر منا الأستاذ رسكا أن نحني هاماتنا لرأيه سامعين طائعين مختارين؟ وحتى هبني سلّمت بصحة هذا النقد الضعيف فأي قيمة تكون له في إخراج هذه الكتب الثلاثة عن دائرة مؤلفات جابر الكيميائية وهي تبلغ سبعين مؤلفاً؟ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الأستاذ رسكا في القسم الثاني من كلامه ينحو نحو الجدليين، إذ أنه يلتجئ إلى أسلوبهم وأعني بذلك أسلوب (المعقول وغير المعقول).
إن الأستاذ رسكا عالم له أسلوب العلماء وطبعهم وروحهم ونحن لذلك نسمو به عن أسلوب