للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجدل، إذ أن العلم ليس أمامه معقول وغير معقول، إنما أمامه حقائق يسلم بها، أو لا يسلم بها، حقائق يبرهن على وجودها أو يبرهن على عدم وجودها، فالقول بأنه من المعقول أن تفصل كتب جابر الكيميائية عن غيرها قضية كاذبة علمياً، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى: هل نسى الأستاذ رسكا أن التفكير الإسلامي كان في هذه المرحلة الزمانية أو الفكرية تفكيراً عاماً شاملاً أي تفكير وأن التخصص في التفكير وفي البحث لم يعرف في الإسلام إلا بعد ذلك بقرن من الزمان على الأقل؟؟

أما القسم الثالث من رأيه وهو تفسير الانتحال لجابر بن حيان فهو تستعيره من أبحاث مجمع برلين، وسنتركه الآن ونعرض هذه الصورة بشكل أوسع لدى الأستاذ ب كراوس الذي كان مساعداً بهذا المجمع إذ ذاك.

رأي الأستاذ كرواس

يرى الأستاذ كراوس أن هذا الأدب العظيم يبين لنا كل ما درس في الإسلام من العلم اليوناني لا يمكن أن يكون بأية حال من عمل مؤلف واحد، ولا يمكن كذلك أن يصعد إلى النصف الثاني من القرن الثاني من الهجرة، إذ أن جميع الظواهر التاريخية تدلنا على أن هذا الشكل كان من إنتاج أخريات القرن الثالث الهجري وأوائل القرن الرابع.

وإن كتابات جابر بن حيان لتضع لنا بادئ ذي بدء أساس مشكلة دينية تاريخية، فكما أن الكيميائين القدماء قد اتجهوا إلى الأجنوزية المسيحية كذلك جابر يقدم في مؤلفاته العلمية أجنوزية الإسلام، ولم تكن آراء جابر ابن حيان كتلك الآراء الساذجة الأولية التي وجدت في محيط الشيعة في القرن الثاني من الهجرة، إنما كانت أقرب إلى تلك التي كان يتردد صداها في محيط غلاة الشيعة في القرن الثالث من هجرة الرسول. وهذه الآراء كانت ذات صبغة سياسية وثورية خطيرة عرضت الإسلام نفسه للخطر، إذ أن جابراً أعلن قرب قيام الإمام المنتظر الذي سيبطل حكم الإسلام ويحل محل القرآن نور العلم والفلسفة الإغريقيين، وكان محل عرض هذه الآراء هو نظريات جابر في مؤلفاته حيث عرض هذا الوحي الروحي الخالص الجديد والذي أوحى به الأئمة العلويون.

ووجهة نظر جابر بن حيان في العلم الإلهي تقترب من القرامطة الذين ابتدءوا يلعبون دورهم في العالم الإسلامي منذ سنة ٢٦٠ هـ. ودرجات العلم مقسمة عنده نفس التقسيم

<<  <  ج:
ص:  >  >>