نسميه الدار من نتوء في هذا الكون، ومن حدث موجي يؤثر في أحد هذه الأجهزة وهو العين، بقدر ما أحدثه الجسم من نتوء واتساع.
ولا يعجبن القارئ كثيراً من عظم السرعة التي يقطع بها الضوء أو الكهرباء المسافات الكونية (للظاهرتين كما قدمنا في مقالات سابقة سرعة واحدة تقرب من ٣٠٠ ألف كيلو متر في الثانية) لأننا اعتدنا أن نسمي الشيء عظيماً إذا كان عظيماً بالنسبة لنا، وما اعتدناه من خطوات متثاقلة وبطيئة لا شيء بجانب خطوات الضوء السريعة، ولكنا لسنا كل شيء في الكون ومن الحكمة ألا ننظر إلى الأشياء دائماً بالمقاييس التي اعتدناها، وقد لا نكون في الكون إلا نوعاً من المخلوقات بين بلايين المخلوقات الأخرى، وقد لا تكون مملكتانا الحيوانية والنباتية إلا مملكتين اثنتين بين ملايين الممالك الأخرى في الكون؛ وتختلف هذه الممالك عنا في الشبه وفي المميزات أو الخواص وقد لا نكون إلا مخلوقاً واحداً من هذه البلايين من المخلوقات. لنا درجة في الإحساس لا نتعداها؛ فنحن نستطيع أن نرى الدار ونميزها من النيل، كما نستطيع أن نرى الأشخاص فنميز الواحد منهم من الآخر، ولكننا لا نستطيع أن نعرف ما بلغته الحواس عند الغير، وأننا نستمع للإذاعة اللاسلكية، بفضل عمل الإنسان، ولا يفترق موضوع رؤيتنا للدار عن موضوع استماعنا للإذاعة إلا أننا نرى الدار بحواسنا بطريقة مباشرة، ونستمع لاسلكياً للبعيد بأجهزة بسيطة، هي صنع أدينا وثمرة تفكيرنا، وهي مهما بلغت لا تزيد في طبيعة حواسنا أو قوتها وإن كانت تعاون في محيط عملها، ومع ذلك فإننا لا نستطيع أن نعرف اليوم ما يستطيع أن يعمله أو يستنبطه غيرنا من المخلوقات.
لماذا تميل إلى الاعتقاد بأننا الوحيدون في الكون؟ لماذا لا تكون هذه الدرجة من الإحساس وهذا المبلغ من المعرفة مراتب أولى فيما قد يحتويه الكون المنتشر من مراتب أخرى، وصلت إليها مخلوقات عديدة تعيش في ظروف غير التي نعيش فيها، ولها درجة في الحواس تختلف عن حواسنا، ولها حالة من المعرفة تختلف عن معارفنا؟
جُل بنظرك في السماء في ليلة من تلك الليالي التي لا ترى فيها القمر، وانظر إلى المريخ والمشتري والأول أصغر من الأرض قليلاً، والثاني يكبرها بألف وخمسمائة مرة، وهما في مجموعتنا الشمسية؛ فهما والأرض أبناء أم واحدة (الشمس) لا يبرحان مداريهما حولها، ثم