البلاد الإسلامية مرابطين وسمى رباطا المكان الذي فيه المتعبدون
إنما يريد القرآن من التحرير من الشهوات أن يسيطر الإنسان على نزعاته فيلائم بينها وبين الحق والخير ويفعل أو يكف حراً بعقله لا عبداً بهواه
مقصد الإسلام الأخير هو تحرير النفس من الأهواء والشهوات وتقويتها بالأخلاق الفاضلة وتحرير العقل من الأهواء كذلك، وتقويته بالمعرفة، ثم العمل بنفس محررة قوية، وعقل حر واسع، في أرجاء هذه الأرض لخير الناس. فأما التحرر من الهوى فقد أمر به القرآن في آيات كثيرة وافتن في الدعوة إليه بأساليب مختلفة. يقول القرآن الكريم:(يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله.) ويقول: (أفرأيت من اتخذ إلاهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة؟) ويقول: (أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهوائهم.) ويقول (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى.)
أرأيت كيف ينهى القرآن عن الهوى ويعده معطلاً لمعارف الإنسان وعقله وسمعه وبصره ويراه رأس كل ضلالة؟
اشتد القرآن في النهي عن إتباع الأهواء، حتى نهى عن الأخذ بالظن، لأن الإنسان إذا لم يسر على بينة مال به الهوى الخفي وأوحى إليه الظنون المختلفة: فيظن الحق باطلاً، والباطل حقاً، والخير شراً، والشر خيراً، كما ينزع هواه وتميل نفسه. وما أكثر ما نهى القرآن عن الظن، قال:(يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعد الظن إثم)، وقال:(إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس)، وقال:(ما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً). بل بين القرآن أن ضلال الناس ناشئ عن إتباع الظن فقال:(وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن)
هكذا يشتد القرآن الكريم في الدعوة إلى تحرير النفس والعقل من الأهواء وتبرئتها من الظنون، ليقارب الإنسان الصواب جهده، وتستقيم له طريقة الفكر فطريقة العمل
وأما تقوية النفس وتهذيبها بالأخلاق الفاضلة، فسيأتي بيانه حين نفصل الكلام في الأخلاق التي دعا إليها القرآن. وأما تقوية العقل وتقويمه وتزويده بالمعرفة، فقد دعا القرآن إلى الانتفاع بالعقل والنظر في ملكوت السموات والأرض وجعل الذين لا ينتفعون بعقولهم