بالغنائم، وقد بين الله ذلك في قوله:(لو كان عرضاً قريباً وسفراً قاصِداً لاتبعوك ولكن بَعُدت عليهم الشقَّة، وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم. يُهلكون أنفسهم، والله يشهد إنهم لكاذبون) وكان استئذانهم في القعود لارتيابهم وحرصهم على حياتهم وعد اهتمامهم بنصرة دين الله: (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم) لعلمه بما في نفوسهم من غلّ وما يدبرون من فتن، وما يحدثون من اضطراب وتفريق في جيش المؤمنين) فثبطهم، وقيل اقعدوا مع القاعدين)، ثم بين الله نوع الضرر الذي يصيب المسلمين من خروجهم معهم فقال:(لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأّوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة) ولأسرعوا بالوشاية والإفساد بينكم، ومع ذلك فقد خرج قوم منهم يتجسسون لمن قعد وهم الذين عناهم الله بقوله:(وفيكم سمَّاعون لهم).
سار الركب في طريقه إلى تبوك (في منتصف الطريق بين المدينة ودمشق) وفيه بعض المنافقين وصار هؤلاء يسخرون في الطريق من الفكرة التي خرج النبي من أجل تحقيقها، وقال بعضهم لبعض: انظروا إلى هذا الرجل! يريد أن يفتح قصور الشام وحصونها. هيهات هيهات! أليس في هذا القول ما يزلزل قلوب المستضعفين من الجند، ويذهب حرارة الإيمان والثقة بالنصر من قلوب المؤمنين؟ ومتى شاع مثل هذا الضعف، وعدم الثقة في جيش فعليه العفاء. ثم أليس ذلك مصداق قوله تعالى:(لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة)؟
أطلع الله النبي على ما تهامس به أولئك المنافقون الذين خرجوا معه، فقال: احبسوا علي الركب. وأخبرهم بما قالوا، فحلفوا إنهم ما كانوا في شيء من أمره ولا من أمر أصحابه، وأنهم كانوا في شيء مما يخوض فيه الركب ليقصروا على أنفسهم الطريق، وذلك قول الله تعالى:(لئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون؟ لا تعتذروا، قد كفرتم بعد إيمانكم، إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين).
وقد فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله، ولمزوا الذين تطوعوا من فقراء المؤمنين بما يملكون لقلة ما قدَّموا، فتكفل القرآن بالاستهزاء منهم وألحقهم بالنساء، لأنهم هم الذين وضعوا أنفسهم هذا الوضع، و (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، وطبع على قلوبهم فهم لا