للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان إذا اضطرمت عواطفه لا يلجأ للبكاء والنحيب بل كان يخرج من أزماته النفسية رجلاً كامل الرجولة، مما كتب لأغاريده الخلود

إن العلة إذن ليست في التأليف ولا في التلحين، بل هي تتجه لنفسيتنا الخاصة، فقد حتمت الظروف الطبيعية أن تتجاوب النفس المصرية بعاطفتي الفرح والحزن في آن واحد لمسبب واحد، وتأصلت هذه النفسية فينا من أقدم العصور وورثناها عن أسلافنا فأصبحنا مثلهم نجد اللذة فيما يحزن كما في أغانينا المريضة، وقد كشفتُ أثناء إقامتي في صعيد مصر عن سر هذه النفسية المعقدة ونشرت ملخصاً عنها في البلاغ يوم ١٥ مايو سنة ١٩٣٣ بعنوان: (ندب النساء في مصر وما يعرف عندنا بالعديد)، وقد ذكرت في هذا البحث أن نغمة الصبا محببة إلى قلوبنا لأنها تميل إلى الحزن، وقد أيد الأستاذ الكبير العقاد هذا الرأي بعد ذلك بسنوات في مقال له عن الجهاد عن (أغاني الزفاف والأفراح) وعلى ذلك يجب ألا نلوم التأليف أو التلحين، لأن هذا الضعف عنصر من عناصر طبيعتنا المصرية، وأرجو أن أتمكن قريباً من نشر بحثي الخاص بهذا الموضوع كاملاً.

(كوم حمادة. بحيرة)

كامل يوسف

عضو بالمعهد البريطاني الفلسفي بلندن

المعاني شائعة، ولا تجوز الملكية فيها

تحت هذا العنوان في عدد من الرسالة مضى كتب الأستاذ محمد عبد الغني حسن مقالاً طريفاً ضمنه دفاعاً حاراً عن طائفة الشاعرين والناثرين ضد غارة جماعة الناقدين الذين يعطلون بنقدهم المواهب المتوثبة والاجتهاد المطرد. فعنده أن المعاني شائعة ولا يجوز أن نعد من يهتدي إلى تسجيل معنى قد سجله من سبقه، ناقلاً، أو سارقاً، أو لصاً؛ بل إن المعاني الإنسانية زاخرة تضطرم بها كل نفس، ويجيش بها كل صدر، وليست وقفاً على طائفة دون أخرى. وهذا حق، فما المعاني إلا وليدة مؤثرات تكاد تتشابه في كل الأعصر والأزمان، والناس هم الناس في كل مكان، فلا مبرر إذن لهذه الغارات إلا إذا كانت السرقات بينات. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>