قد كان لي موعدٌ في الصيف مرتقبٌ ... على الشواطئ بين (الرمل) والماء
فما لذا الصيف يمضي بي على جبل ... جَهنّميِّ اللظى في جوف صحراء
وأنتِ. . . هل عطفك المبِقي على رمقي ... عطف المحبين أم عطف الأطباء
إن كان ذاك فيا سعدي ويا فرحي ... أو كان هذا فإني في الأذلاء
الحب يشهد أني يا ممرِّضتي ... ما صدَّني عنك إلا فرط إعيائي
أما بعد فهذه الشاعرية ليست صحوة الموت، يا صالح، وإنما هي الفجر الصادق، وسترجع إلينا بعد أيام وأنت في غاية من عافية البدن والروح.
لم أسأل عنك في علتك، يا صالح، لأني شغلت بك عنك، ولو سألت قلبك لشهد بأن عطفي عليك وأنا بعيد كان أرفق من عطف طبيبك وهو قريب، وأصدق الحديث حديث القلوب.
سترجع إلينا يا صالح، بعد أيام، وسنعيد سهراتنا في أندية القاهرة، وسأسمع لجاجتك في العتاب، وسأقول إن البلبل لا يجيد السجع إلا وهو سجين، لأني عرفتُ شاعراً لم يُجد الشعر إلا وهو عليل.
الملك الشبل
لم أسمع أن جلالة الملك فيصل الثاني يوصف إلا بعبارة (الملك الطّفل) وهي عبارة جافية، فأرجو من الشعراء والكتاب أن يصفوه بعبارة (الملك الشبل) فهي بمقامه أنسب وأليق.
وأذكر بهذه المناسبة أن صاحب المعالي الدكتور محمد حسين هيكل باشا تلطف فدعاني إلى مكتبه ليقدّم إليّ (وسام الرافدين) المهدي إلي من حكومة العراق
وقد وثب قلبي من الفرح والانشراح لقيمة الهدية ولقيمة من أتلقى من يده الهدية، فليس من الميسور في كل وقت أن تكون وزارة المعارف إلى أديب في مثل منزلة الدكتور هيكل باشا، الرجل الذي أفنى شبابه وعافيته في خدمة الدراسات الأدبية والتاريخية، والذي يُعدّ قلبه مثالاً في الطيبة والصفاء.
وقد نظرت في الوسام فرأيته متوّجاً بكلمة (فيصل الأول) فأهلاً وسهلاً ومرحباً بوسام يُحلّى باسم ملك هو الفيصل بين عهدين من عهود العراق: عهد العجمة وعهد الإفصاح، فقد كان فيصل الأول بمذاهبه ومسالكه هو التعبير الصحيح لعواطف العراق في التشوف إلى رجعة المجد العربي في أيام المنصور والرشيد.