ومع أن مكاره الأيام ومتاعب النضال لم تُبق في صدري بقية من التأهب للجذل والانشراح فقد سرني أن تشهد جريدة (الوقائع العراقية) بأني ذُكرت بالخير في (إرادة ملكية) يمضيها صاحب السمو الأمير عبد الإله ومعالي السيد صادق البصام وفخامة السيد رشيد عالي الكيلاني، جعلنا الله ممن يرعون العهد ويحفظون الجميل.
وإذا حييتم بتحية. . .
تفضل الزميل الكريم الأستاذ أبو بكر إبراهيم المفتش بوزارة المعارف فأعدّ كلمة لمجلة الرسالة في رد التحية الجميلة التي وجهتها جريدة الهدف البغدادية إلى مصر بإصدار عدد خاص عن أديب مصري كان له نصيب في خدمة الحياة الأدبية في العراق.
ولم يكن بدّ من تلطف هذا الزميل الكريم بردّ هذه التحية الكريمة، فليس في مقدوري أن أرد تحية جريدة الهدف، فذلك امتحان لا أتقدم إليه وأنا طائع، لأني أشعر بالعجز عن وفاء هذا الدين النفيس.
في ذلك العدد الخاص تحدث الأساتذة عبد الحميد حسن الغزالي، وحميد مجيد الهلالي، وعبد المجيد لطفي، وعبد المحسن القصاب، وعبد السلام حلمي، وعبد الله محمد الطائي، وعبد الرحمن البناء، وروبين عوبديا، وصالح البدري، وعبد الرزاق الهلالي. تحدث هؤلاء الأماجد عن صديق العراق زكي مبارك حديثاً هو البرهان الساطع على أن الوداد لا يضيع عند أحرار الرجال.
وقد ذكرت كثيرا ً في الأسباب التي جعلت لي هذا الحظ المرموق في العراق؛ ثم رأيت أن الأسباب كلها تنتهي إلى سبب واحد: هو الصدق. فما تحدثت عن العراق بالجميل إلا وأنا صادق ولا ذكرته بالملام إلا وأنا صادق.
وكيف لا أصدق في حب وطن كاد ينسيني وطني؟
ولو عبّرت عن نفسي تعبيراً صحيحاً لقلت إني لم أستطع أن أتوهم أن مصر والعراق وطنان مختلفان، وما صح عندي أبداً أني كنت غريب الدار في بغداد. . . وكما كان الشريف الرضي يهدد خصومه في العراق بأن له في مصر أصدقاء يستنجد بهم حين يشاء، فأنا أشعر بأن لي في العراق أصدقاء أستنصر بهم حين أشاء، والله سبحانه هو المفزع لأبرار القلوب.