الحكومة على بقائك في العمل بعد الزواج؛ لتكوني لي وحدي!
وقالت: ولكن أمي يا رشاد. . .!
وأجابها: وعليّ أن تكون أمك راضية سعيدة!
واطمأنت سنية وسُرّى عنها ما كان يقلقها منذ أيام؛ وجلست إلى مكتبها تكتب إلى الحكومة تلتمس الإذن في الزواج.
ولم يطل بهما الانتظار، ولم يقلقهما جواب الحكومة؛ فقد كانت سنية متوقعة من قبل ألا يؤذن لها؛ وكانت مطمئنة إلى وعد خطيبها بأن يرضي أمها!
وراح الفتى والفتاة يعدان العدة ليوم قريب.
وانتقلت سنية إلى بيت زوجها، وشهدها صواحبها عروساً في جلوتها، وشهدت نفسها؛ وكانت النوافذ المضيئة ترمي أشعتها إلى بعيد؛ وكان في الشرفات العالية التي يكتنفها الظلام عيون تنظر. . . . . .
. . . ومضت أشهر، ونظر الجيران فإذا سنية جالسة إلى جانب النافذة تخيط قمصاناً ولفائف؛ وفي هدأة الليل والناس نيام حل على الأسرة ضيف جديد، وارتفع صوته يعلن البشرى بمقدمه. . . . . . . . . . . .
ثم استيقظت سنية من الحلم الذي ضرب على آذانها عاماً وبعض عام؛ ونظرت، فإذ هي وطفلها وحطام الذكريات؛ ولم يكن الرجل ثمة ولم يكن الصندوق. . .!
وقبّلت فتاها في جبينه وقالت وفي عينيها دموع: لا عليك يا بنيّ؛ لقد خسرت الرجل ولكني كسبتك؛ فليذهب أبوك حيث يشاء، ولتبق لي أنت!
وخرجت تلتمس الرزق، واتخذت طريقها إلى المدرسة، ولكن المدرسة كانت قد أغلقت أبوابها!
وسعت إلى رئيس الديوان تلتمس الشفعاء إليه ليردّها إلى عملها، فأغلق دونها بابه؛ ووقفت في مفترق الطريقين تنظر، ثم سلكت إحداهما. . .
وعاد الرئيس من الديوان إلى داره، وانفتح باب السيارة ونزل، وسبقته إلى الباب امرأة؛ وهمّ حاجبه أن يمنعها ثم كف.
وهتفت المرأة في ضراعة: سيدي بحقّ ولدك. . .!