للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثم عجبت أيضاً من غفلة بعض النقاد حين رأيت الزمخشري ينص عليها في الأساس فيقول: وشيء مُرٌّ ومَرِير ومُمِرّ، ثم أنشد:

إني إذا حذّرتني حَذُورُ ... حُلْوٌ على حلاوتي مَرِيرُ

وأنكر الشاعر حسن بك حمدي أن يقول الأستاذ العقاد (البديه) في مكان (البديهة) أو البديهي، وأقول إن المعاجم نصت على البديهة لغرض واضح هو القول بوجود المؤنث، وكذلك الحال في (الهناء) وهي كلمة يمحوها أساتذة اللغة العربية كل يوم من دفاتر التلاميذ بحجة أن القاموس المحيط لم يذكر غير (الهناءة) وهم ينسون أن النص على المؤنث مقصود. . . والشريف الرضي يقول:

وما أوفتْ على العشرين سني ... وقد أوفى على الدنيا عزيمي

والعزيم مذكّر العزيمة وإن لم تنص عليه المعاجم.

فإن قيل إن كلمة الشريف هي (غريمي) بالغين المعجمة فأنا أجيب بأن ذلك تحريف لا يخفى على أهل الذوق. وأنكر قوم أن أجمع بحثاً على أبحاث فأقول في صدر كتاب (الموازنة بين الشعراء) إنه (أبحاث في أصول النقد وأسرار البيان) وأقول إن البحث يُجمع على أبحاث كما يُجمع على بُحوث، وقد نص على ذلك بعض اللغويين.

إلى المنصورة، إلى المنصورة

بعد ساعة واحدة من الشروع في كتابة هذه السطور آخذ طريقي إلى المنصورة وطن الشعر والخيال، فهل تلقاني المنصورة بالضم والعناق وهي كناس الحُور العين؟

ما أذكر أبداً أن المنصورة داينت قلبي بشيء، فما سر ذلك؟ ما سر ذلك وما كنت أغلف القلب ولا أصم الفؤاد؟

يرجع السر إلى أني قضيتُ دهري مُثقلاً بفوادح الأعباء فما دخلتُ بلداً شرقياً أو غربياً إلا وفوق كاهلي واجب مفروض وما ظهرت بمظهر المتلهي والمتفرج إلا لأكايد خصومي فأزعم أني أعاقر من صهباء الحياة ما يُعاقرون.

فإن كنت زرت المنصورة قبل اليوم مرة أو مرتين أو مرات فما كان ذلك إلا تأدية لواجب أسأل عنه مرة أو مرتين أو مرات، لأن قلبي يحدثني في كل وقت بأني مضطهد، وبأن خصومي يسرهم أن يعلموا ولو من طريق الوهم أني قصرت في أحد الواجبات. . . وإذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>