أعلن الأستاذ علي الكسار يوماً عن رواية البخيل لموليير، وذكر في الإعلانات أنه ترجمها إلى العربية بنفسه، والأستاذ علي الكسار ممثل موهوب من غير شك وإن كان التعليم ينقصه، فقد فاته حتى أن يلم بالقراءة والكتابة، وهذا شيء لا يحط من موهبته الفنية.
فسأله سائل: كيف جرؤت يا أستاذ (علي) على أن تدعي أنك مترجم (البخيل) مع أن الناس يعلمون أنك لا تقرأ ولا تكتب؟
فأجابه الأستاذ الكسار مسرعاً: وهل كان أبو العلاء المعري يقرأ وهل كان يكتب؟
وكان جواباً مسكتاً من غير شك.
رهان
يسبق إحساس الأستاذ يوسف وهبي عقله ولسانه وهو على المسرح أحياناً، وفي هذه الأحيان لا يرضى الأستاذ يوسف وهبي بأن يتريث وأن يتثاقل بإحساسه حتى يواتيه عقله ويواتيه لسانه بالألفاظ العربية التي يجب أن ينطق بها حتى يفهم الجمهور ماذا يريد أن يقول، وإنما يترك الأستاذ يوسف في هذه الأحيان نفسه ويدع لسانه ينطلق بأي ألفاظ مفيدة كانت أو غير مفيدة، عربية كانت أو غير عربية، ويكتفي الأستاذ يوسف في هذه المواقف بأن يعبر بصوته المنغم وإشارته المحكمة عما يريد أن ينقله من نفسه إلى الجمهور على شرط أن يختم هذه الانطلاقة بكلمة واحدة أو كلمتين فيهما تلخيص أو تركيز للمعنى الذي يريد أن يعبر عنه. . . فإذا كان في حالة سخط مثلاً، وحدث له هذا الذي يحدث له من مس الجن أو مما لا أدري، قال مثلاً:(أنت يا من جهنم والحديد شرر من أبالسة النار ينهار فوق رؤوس الشياطين حمم ونار وكبريت) يقول هذا، أو يقول ما يشبهه، والجمهور مأخوذ به، قد استولت عليه الكهرباء المنبعثة من أعصاب يوسف الذي يحرق نفسه على المسرح؛ فلا يستطيع الجمهور إلا أن يقبل هذا الكلام على أنه معقول ومفهوم، وعلى أن معناه متصل بالمتميز من ألفاظه، وألفاظه المدركة المتميزة هي: نار، وجهنم، وأبالسة، وشياطين وحمم وكبريت. . . والجمهور لا يعنى في مثل هذه الحال بتحديد المعنى على وجه الدقة، وإنما