أكلت من غذاء القرطم الأسود فلم يصبها أي سوء وذلك لاحتواء الدقيق الأسود على كميات وفيرة من الفيتامين.
ولم لا يصاب الإنسان إذن بتلك الأعراض القاسية للالتهاب العصبي إذا ما اعتمد في غذائه الخبز الأبيض لاسيما وقد أكد هذا القول نتائج تجارب قامت حول تغذية الحيوانات، فالكلاب إذا ما أطعمت بالخبز الأبيض فقط تمرض بالبري بري بعد أربعين يوماً والدجاج بعد عشرين، أما الفيران فيمضي اثني عشر يوماً. وفي كل هذه التجارب تلاشت أعراض المرض سريعاً عندما أضيف إلى دقيق القمح نخالة القمح، وإذا ما لاحظنا أننا قد لا نمرض إذا تناولنا الخبز الأبيض فإن لنا في بقية أصناف الطعام المتممة مصادر أخرى للفيتامين إذ نجد تلك المادة الأنتينويريتيكية خلاف الدقيق الأسود العالي الإنتاج في الخميرة بكميات كبيرة وفي الخضروات والفواكه الطازجة وفي الدرنات واللوز والبندق وصفار البيض واللبن والكبد واللحم الطازجة، ولا يتأثر الفيتامين كثيراً في هذه الأطعمة عند طهيها طهياً عادياً ولا يفقد قدرته الفعالة عند سواد الأطعمة فيموِن الجسم بكميات كافية من الفيتامين عندما نتناول ألواناً مختلفة من الطعام العادي. وهنا تضرب الطبيعة مثلاً غريباً في القناعة، إذ يكفيها يومياً من ثلاثة أرباع إلى واحد على الألف من الجرام من فيتامين الأنتينويريتيك ضمن الغذاء اليومي للقيام بمهمتها في حفظ كيان الإنسان وصونه من الأمراض.
ومن الثابت المحقق الآن أن مجال عمل الفيتامين الأنتينويريتيكي وموضع تأثيره هو عند تحول المواد في الخلية العصبية، ولذا نرى أنه عند غياب هذه المادة الحيوية تحدث الاضطرابات وأعراض الإصابة في محيط الجهاز العصبي. وزيادة على ذلك يعمل هذا الفيتامين على تنظيم عمل الغدد الدرقية وأخيراً وبفضل مجهود العالم إميل أبدرهالدن ثبتت أهمية هذا الفيتامين عند تمثيل الكربوهيدرات (المواد النشوية والسكرية) وأثر هذا أنه بغياب هذا الفيتامين تحدث اضطرابات في تحليل الجليكوجين (سكر الكبد) أو في أية مادة سكرية نشوية تبقى في الجسم كاحتياطي من الكربوهيدرات، ونتيجة ذلك ازدياد كميات سكرية نشوية في الكبد وفي عضلات وأنسجة القلب ازدياداً غير عادي، وتأخذ هذه الكميات في الهبوط والنزول عند تموين الجسم ثانياً بفيتامين
ومع أن البحث العلمي بذل قديماً جهوداً عظيمة في سبيل