بدأ يكتب روايته هذه، ولكن القدر لم يشأ له أن يكملها. فألف جزأها الأول، وترك بعده مقطوعات منثورة قد تتم معنى روايته وتظهر الغاية التي سلك إليها. يبدأ جزؤها الأول بحلم وينتهي بقصة، وكلا الحلم والقصة جزءان متلائمان منتظمان يعبران عن نفسية البطل (وبطل القصة) خلق شاعراً، ونشأ تحت رعاية والديه، يقضي وقته متأملا متنقلا في مروج الخيال. دون أن تحول حوائل بينه وبين ما يصبو إليه.
رأى في حلمه الزهرة الزرقاء، وهي مثل حياته الأعلى، ورأى انه إذا أرادها لنفسه، فمن الواجب عليه أن يهجر وطنه، ويسيح في أقطار الأرض وبقاع العالم. فأطاع هذا الهاتف النفساني، وسار في الأرض يتأمل في أقطار تقع عليها عيناه. وفي طريقه التقى بالساحر الشاعر (. . .) وهو الذي ألقى عليه بعض فصول ممتعة في الفن، وأفهمه مخاطر الهيام، وأدلى إليه بفائدة التأمل والتمحيص. وكان لهذا الشاعر الساحر ابنة جميلة، ما أن وقع عليها نظر هذا الهائم حتى جن بها، واعتقد أنها هي (الزهرة الزرقاء) التي وجدها في حلمه. فشغف بها شغفاً شديداً، ولكن المنية داهمتها فقضت نحبها - وهذه الجميلة لم تكن إلا (صوفيا) محبوبة نوفاليس الأولى - ثم واصل الشاعر الفتى سياحاته في الأرض، ما زاده موتها إلا كلفاً وهياماً
ثم تأتي أجزاء الرواية المنثورة فنفهم منها أن البطل سيعرج على إيطاليا ويعرج على اليونان، ثم يسيح في بلاد المشرق. ثم يجتمع بالشاعر الساحر، فتقوم - هنالك - مجادله شعرية فنية ثم يتعرف الشاعر الفتى إلى فتاة تمثل (الزهرة الزرقاء) وتحل محل الأولى - وهذه الجميلة الثانية هي (جوليا) محبوبة نوفاليس الثانية. - فتجدد له حياة زاهية الألوان. وتبنى له من الأرض الغبراء سماء ساطعة الأضواء. فيرى الشاعر في وجهها وجه الأولى، وهما متحدان مقترنان في وجه واحد سام كامل، وهكذا تنتهي سياحة الشاعر.
والشاعر بعد أن ساح في أقطار الارض، وبعد أن تعرف إلى صور كل شيء، لم يبق له وراء ذلك لا أن يطوي نفسه، ويدخل إلى عالم نفسه - كما يقول نوفاليس في إحدى مقطوعاته - (ألا إن كل شيء يقودني إلى نفسي!) وهذه هي الفكرة التي بنى عليها نوفاليس روايته.