التجاء الأدباء والعلماء إليها بنوع خاص في تسمية المستحدث من المخترعات الصناعية، والمصطلحات العلمية والأحزاب والمبادئ السياسية والاجتماعية، وفي التعبير عن بعض معان دقيقة في عالم الأدب والفلسفة، فناءت مؤلفاتهم بهذه الكلمات المصنوعة وتألف منها معظم المصطلحات في الفلسفة وعلم النفس والعلوم الطبيعية والطب والصيدلة. . . وما إلى ذلك، وصبغ معظم هذه المصطلحات بصبغة دولية، فأقرته المؤتمرات والهيئات العلمية الممثلة لمختلف الأمم الأوربية وعم استخدامها في لغاتها (تلغراف، تليفون، سوسيولوجيا، جيولوجيا. . . الخ)، وقد أجاز المجمع اللغوي بمصر الالتجاء إلى هذه الطريقة حيث تدعو إلى ذلك ضرورة، بألا يوجد في مفردات اللغة متداولها ومهجورها ما يعبر تعبيراً دقيقاً عن الاصطلاح المراد التعبير عنه
ولا يخفى ما لهذه الوسيلة من أثر في نهضة لغة الكتابة، واتساع متنها ودقة مصطلحاتها وزيادة مرونتها وقدرتها على التعبير وقد أرتضى الأدباء والعلماء بعض قواعد عامة في وضع هذه الألفاظ، ويستعينون عادة في تكوينها بالنحت والاشتقاق الأكبر ومزج كلمتين أو أكثر في كلمة واحدة. ويستمدون أصولها من اللغات الحية أو الميتة، وخاصة اللاتينية واليونانية القديمة. وكثيراً ما يستعان في تكوينها بأكثر من لغة واحدة. فمن هذه المفردات ما هو مؤلف من لغتين (سوسيولوجيا) أي علم الاجتماع: فصدر الكلمة (سوسيو) من أصل لاتيني معناه الجمعية، وعجزها (لوجيا) من أصل يوناني معناه المقال أو البحث أو الخطبة , بل منها ما هو مؤلف من ثلاث (بيسيكلت) أي الدراجة، فإن (بي) من أصل لاتيني يدل على التثنية، و (سيكل) من أصل يوناني معناه الدائرة، وعجز الكلمة علامة فرنسية للتصغير , ,
وقوام هذه المفردات هو التواضع والاصطلاح. ولذلك كثيراً ما تختلف معانيها اختلافاً يسيراً أو كبيراً عن معاني الأصول التي استمدت منها
ولا تبقى هذه الألفاظ جامدة على الحالة التي وضعت عليها، بل ينالها ما ينال غيرها من المفردات، وتخضع في تطورها الصوتي والدلالي لنفس القوانين العامة التي تخضع لها الألفاظ الأصلية؛ فبمجرد أن يقذف بها في التداول اللغوي، وتتناقلها الألسنة، تفلت من إرادة مخترعيها وتخضع لنواميس الارتقاء العامة المسيطرة على ظواهر الصوت والدلالة.