(شِريِّبَ خمر مِسْعَراً لحروب) وقد صقلت أذواقهم بالانتقال إلى فارس وطن الأعناب والصهباء، وهل يكثر على العرب أن يصنعوا مع قبر أبي محجن ما صنع الفرنسيون مع قبر ميسيه وما صنع الفرس مع قبر الخيام؟
العرب أظرف مما يتوهم الأستاذ أحمد أمين، و (القاص الظريف) لم يقل ما قال إلا استجابة لما فطر عليه العرب من الظرف في رعاية حقوق الشعراء
وفي كتاب (فيض الخاطر) ترجمة للأحنف بن قيس، وهي ترجمة نفيسة جداً، ويجب على الطالب أن ينظر فيها بعناية، فقد تفيد في الإجابات التحريرية أو الشفوية، لأنها بالفعل من أطايب هذا الكتاب، والأستاذ أحمد أمين يجيد حين يتعرض لموضوع وجدت عناصره الأصيلة في كتب القدماء
وفيه ترجمة لسيبويه المصري، وفي هذه الترجمة فكاهة وأدب وتاريخ، وهي جديرة بالالتفات
ويتصل بهذا النوع ترجمته للون الأصفر في العصر العباسي وهي نبذة طريفة تصور جانباً من الذوق الاجتماعي في ذلك العهد والأذواق تترجم كما يترجم الأشخاص!
أما التراجم الحديثة فأهمها ترجمة عاطف بركات وترجمة علي فوزي، وقد أجاد الكاتب في هاتين الترجمتين، وإن كان انحرف بعض الانحراف في الترجمة الثانية، لأنه صور فرار علي فوزي من المجتمع المصري بصورة العقل، ولو أراد الحق لعد ذلك الفرار من صور الجنون، وعذر المؤلف أنه أراد الترفق بأستاذه وهو يرثيه، وإلا فكيف يكون الانصراف عن الزواج رحمة بالمرأة وهي لا ترى الأمان إلا في رحاب الزواج؟
إن الكاتب حبر هذه المقالة في لحظة غضب على المجتمع، وبذلك استجاز أن يرى الانسحاب من ميدان الجهاد دليلاً على رجاحة العقل، ولو أنه كتب هذه المقالة في لحظة هدوء لرأى أن تصرف المرحوم على فوزي بك لم يكن إلا تصرف رجل مريض صده المرض عن الاضطلاع بأعباء الأسرة، وصرفه عن المشاركة في النهوض بالواجبات الوطنية
وعلى ذلك تكون هذه تكون المقالة من الأدب الذاتي، وهو الأدب الذي يصور الكاتب قبل أن يصور المجتمع، وهي مقالة لها تفاسير في أدب الأستاذ أحمد أمين، فقد شهد على نفسه