لا يمكن لطلبة السنة التوجيهية أن يقولوا إنهم اطلعوا على كتاب (وحي الرسالة) إلا إن نظروا في الموضوعات التي أشرت إليها في هذا المقال بعناية وتدّبر وإدراك، لأنها بالفعل أهم أغراض هذا الكتاب. ولأنها متصلة بشؤون أساسية من معضلات الحياة المصرية في هذا الجيل
والزيات يحس هذه المعاني أصدق إحساس، لأن قيامه على (الرسالة) قربه من المجتمع، وأخرجه من (العزلة) التي يفرضها ما فطر عليه من الاستحياء
بين الجمال والتفصيل
قال الزيات في مقدمة (وحي الرسالة) إن مقالاته لم تكن إلا وحي الساعة أو حديث اليوم أو صدى الأسبوع
وتلك دعوى تحتاج إلى بينات!
فليس من المعقول أن يكون الزيات صدق كل الصدق في هذا القول، والكاتب يباح له التمويه في بعض الأحايين؟!
وإلا فمن الذي يصدق أن مقال الزيات في (فنّ الجمال) كان وحي الساعة أو حديث اليوم أو صدى الأسبوع؟
ومن الذي يصدق أن ما كتب الزيات عن الفقر والغنى والبؤس والنعيم كان وحي ساعة أو يوم أو أسبوع؟
هو يخدع نفسه، أو يخدع قراءه، ليقول إنه يأتي بالعجب العجاب في لحظة أو لحظات
والحق أنه رجل ممتحن بنفسه وبالدنيا وبالناس، فأدبه الذي ينشره اليوم قد يكون صدى لتجاريبه منذ أكثر من ثلاثين سنة، والكاتب لا يعرف أين هو من حاضره وماضيه لأنه مشدود إلى قافلة الوجود.
يقول الزيات إنه كان يكتب مقالاته هذه في أصيل السبت من كل أسبوع، فهل يذكر أحد أنه كان يستطيع رؤية الزيات ولو بالتليفون في أصائل تلك السبوت؟
كان الزيات يخلو إلى قلمه خلوة صوفية، وكان في لحظات الخلوة إلى قلمه يكره الاتصال بمن في الوجود من أهل وأبناء وأصدقاء