أنا أريد النص على أن الأدباء الذين ظهروا في هذا العهد لم يكونوا لاعبين ولا مازحين، وإن توهم من لا يفهم أن في أدبهم ميلاً إلى اللعب والمزاح في بعض الأحيان.
إن أدب المصريين في هذا العصر هو الفيصل بين عهدين: عهد الأدب الوادع الذي كان يعيش أهله في رعاية الوزراء والأمراء والملوك، وعهد الأدب المكافح الذي يعيش أربابه في رعاية مواهبهم الذاتية، فهم في الأغلب موظفون أو مدرسون أو صحفيون، ومن أجل هذا صح القول بأن أكثر أدباء مصر في هذا العصر رجال أعمال.
وهذه الحال أضرت من جانب ونفعت من جوانب: أضرت حين أيأست الأديب من الأريحية التي كان يعيش في ظلالها أدباؤنا القدماء، ونفعت حين قهرت الأديب على الإيمان بأنه لم يُخلق إلا ليكون قوة فعالة في بناء المجتمع الجديد. وكذلك عاش الأديب مرفوع الرأس، ولو اشترك بقلمه في خدمة الأحزاب السياسية، لأنه في جميع أحواله عضو نافع في المجتمع، ولأن موقفه من الأحزاب قد يكون موقف الهداية لا موقف الخدمة. وأضاع الله من ينسى أن رجال السياسة يدينون لرجال القلم أثقل الدين؛ فبفضل الأقلام صار عندنا سياسة وسياسيون، ولو كره بعض الجاحدين!
والذي يهمني هو دعوة الطلبة إلى التعمق في فهم المؤلفات التي أحدثهم عنها في هذه المقالات، فهي مؤلفات متصلة بحياة المجتمع أوثق اتصال. وهي حين تعبر عن تألم أصحابها من المجتمع أو ارتياحهم إلى المجتمع سجل صادق لما في الحية الاجتماعية من قوة وضعف وتحليق وإسفاف.
فإن نظر الطلبة إلى (وحي الرسالة) هذه النظرة رأوا فيه غير ما كانوا ينتظرون؛ فهو ليس روائع لفظية أو بيانية، وإنما هو تعبير عن الآم وآمال يحسها أبناء الجيل الجديد، حين تصح لهم مواجهة ما يعتلج في صدورهم من آلام وآمال
والزيات لا يتكلم وحده عن تلك المعضلات، وإنما يتم تصوير هذا العصر بتعقب ما ظهر فيه من رسائل وقصائد ومؤلفات، وذلك ما قصد إليه من وضعوا مسابقة الجامعة المصرية لطلبة السنة التوجيهية.