للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

قانون دستوري يحدد مسئوليه الوزارة أمام مجلس النواب ويرغمها على الاستقالة إذا لم تنل ثقته، فمبدأ مسئولية الوزارة محترم كل الاحترام. . . ومع أنه لا يوجد نص دستوري يمنع الملك من رياسة مجلس الوزراء فقد روعيت سابقه وقعت في عهد جورج الأول وكان ألمانيا يجهل الإنجليزية، ولم تر فائدة من رياسته لمجلس الوزراء

وهنا أرجو طلبه السنة التوجيهية أن يقرءوا ما كتب في هذا الكتاب عن (الدستور البريطاني) قراءه فهم ونقد واستقصاء، لأن المجال يضيق عن تشريحه في هذا الحديث، والمهم هو ربط ما جاء في هذا الفصل بما درسه الطلبة في مرحله الثقافة العامة عن التربية الوطنية، فإن فعلوا - وسيفعلون - كان من السهل أن يدركوا مرامي المؤلف في هذه الشؤون

وأقول بصراحة إن المؤلف يهمه أن يبين قيمة الشخصية الإنجليزية من ناحية التماسك السياسي والاجتماعي، فأحوال إنجلترا تتغير من وضع إلى وضع، ولكن في هدوء وطمأنينة وثبات، ولولا ملكة التماسك لاستحال على شعب كان أفراده لا يزيدون على ثلاثة ملايين أن يملك شرف الاستقلال في آماد ترجع إلى عشرة قرون

وينبغي للطالب أن يقرن ما كتب عن الدستور البريطاني بما كتب عن الإمبراطورية البريطانية. فأقدم مستعمرة ظفرت بحقوق الاستقلال الذاتي هي المستعمرة التي وجد فيها سكان بريطانيون، ومعنى ذلك أن الإنجليزي ينقل مبادئه في الحرية إلى أي وطن ينتقل إليه، كما ينقل معه عقيدته الدينية. . . ومن فصول هذا الكتاب نعرف أن الإنجليزي حين يغترب لا ينسى خصائصه الذاتية، ونعرف أنه بطيء في التطور إلى حد الجمود، والبطء في التطور هو ما اسميه التماسك، لأن التطور السريع لا يخلو من ثورة على الشخصية الذاتية، وما يقال عن (البرود) الإنجليزي هو من ذلك، فالإنجليزي بارد أي بطيء التحول، وكذلك كان العرب سادة حين نعموا بمثل هذا (البرود) فكانوا في رياض الأندلس (متطبعين) بطباع أرباب الشيح والقيصوم، وكانت أخيلة الجزيرة العربية هي المثال في التشبيهات والاستعارات والكنايات، حتى صح لبعض الغافلين أن يقول أن العرب لم يتطورا في كثير أو قليل، وإنهم ظلوا مشدودين إلى وطنهم الأصيل

وقد قلت مرة أو مرات (إن العرب كانوا إنجليز زمانهم) ومعنى ذلك أنهم كانوا أوفياء

<<  <  ج:
ص:  >  >>