للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأمر نفسه. وكل ما يعده الرجل سفاسف وترهات ينال اهتماماً خاصاً من ناحية المرأة، وإن كثيراً مما يمكن رؤيته بوضوح في المرأة لا يمثل في الرجل إلا عملية ضئيلة غامضة لا يرغب غالباً في أن يعبر عنها.

حملت الظروف المرأة على أن تتحكم في شيء من الذكورة، وهذا هو الشيء الوحيد الذي ينقذها من البقاء في أنوثة عتيقة غريزة. أما الرجل فيضطر لأن ينشئ في نفسه بعض صفات أنثوية وهذا واجب عليه نحو نفسه لا قبل له بأن يتفاداه ما لم يفضل أن يتعثر خلف المرأة في شكل طفلي بائس لأنه مستهدف لخطر سيطرة المرأة عليه.

يرى رجل اليوم أن الزواج الحديث حافل بالمشاكل وترى المرأة الحديثة أن زواج القرون الوسطى لم يعد زواجاً مثالياً، فالذكورة التي اكتسبتها المرأة تجعلها ترفض أن تقول: (إنه سيكون سيدي) فالذكورة تعني أنها تعرف هدفها فهي تعمل كل ما هو ضروري لإصابته.

واكتسب الرجل بدوره أنوثة في نفسه بعد بذل مجهود ليس بالقليل وعلى حساب الكثير من الألم الذي عاناه. وهو لن يفرط فيما اكتسب لاقتناعه بأهميته.

إذا نظرنا عن بعد إلى الرجل الحديث والمرأة الحديثة تبادر إلى ذهننا أنهما لا شك ناجحان في زواجهما، ولكننا إذا رأيناهما عن كثب بدا لنا الأمر على النقيض لأن زواجهما إنما ينطوي على كفاح جديد، فكل ما تريد أن تفعله المرأة كصدى لإرادة وعيها الحديث النشأة لإيلام الرجل، كما أن المشاعر التي يستكشفها الرجل في نفسه ليست مناسبة للمرأة، فهما يريان أن ما استكشفاه في نفسيها حديثاً يمثل الجانب الوضيع من كل منهما؛ ذلك لأن ذكورة المرأة لا تقل ضعة عن أنوثة الرجل. ولكننا من ناحية أخرى نرى أن في المجموعة التي نسميها (الشخصية) ناحية غامضة، فلابد أن يكون الرجل القوي ضعيفاً من جانب ما وأن يكون الرجل الذكي غبياً من ناحية ما حتى يمكن للمرأة أن تعيرهما الثقة، فالمرأة تحب ضعف الرجل القوي أكثر من قوته، وغباوة الرجل الذكي أكثر من ذكائه.

إن حب المرأة يلتمس الرجل كله كوحدة. . . ليس الجانب الذكرى منه فحسب بل ذلك الشيء الذي ينافي الذكورة فيه أيضاً وليس حب المرأة بعاطفة مجردة بل هو رغبة حيوية تخلو أحياناً من العاطفة، وقد تدفع المرأة أحياناً إلى التضحية بنفسها. والرجل الذي تغمره المرأة بمثل هذا الحب لا يستطيع أن يتجاهل الشطر الوضيع من نفسه إذ ليس في مقدوره

<<  <  ج:
ص:  >  >>