الذي كان فيه رجال الحكومة أنفسهم من الأعيان ورجال المصارف وأغنياء التجار وإضرابهم. أما الآن والحكومة شعبية، وليس من الضروري أن يكون أفرادها من الأغنياء فإن هذه المدارس يجب أن تكون حكومية لا خاصة، وأن تفتح أبوابها لكل من تؤهله مواهبه للتعلم فيها من أبناء الشعب. والسبب الثالث هو أن جامعاتكم لم تدرك تماماً المهمة الإلهية التي نصبها الله من أجلها، لأنها وهي تحرج الرءوس المفكرة في الدولة لم تصن خريجيها عن المطامع المادية وشهوة المال. والنتيجة هي أن رجال الحكم من أبنائها بدلاً من أن يخضعوا المادة لمبادئهم خضعوا لها.
من كل ما ذكرته تستطيع أن تعرف أي أنواع الإصلاح أريد إدخاله على نظام التربية. يجب ان تبدءوا من القمة فتصلحوا من الجامعات حتى تنتج نوع الحكام الذي تحتاج إليه بلادكم. ولست أزعم أن هذا سهل التحقيق. إن العلماء ولو أنهم يتمشدقون دائماً باسمي، ويذكرونني بالإعجاب والثناء، لم يفهمون جيداً، ولم يفهموا الغاية (من أكاديمي) التي أسستها حتى لقد حرفوا معنى عبارة (التفكير الأكاديمي)، فأصبحت تدل على كل تفكير عقلي لا يمت للحياة العلمية بسبب. وأنا أعرف بالطبع إلى أي حد يكره فلاسفة هذا العصر وعلماؤه الحياة الحالية المحيطة بهم ويحتقرونها، وهم لا يريدون في الوقت نفسه أن يعترفوا أنهم طلقوا هذا النوع من الحياة لا لسبب إلا لأنهم عجزوا عن إقناع ولاة الأمر والمشرفين على شئون الأمة بمبادئهم الفلسفية السامية. ولابد أن تتفق معي أنه لا فائدة من هؤلاء الفلاسفة العلماء، لا لشعبهم ولا للعالم إلا إذا اعتقدوا أن هذا العالم يجب أن يحكم بمبادئ العقل والحكمة التي يدافعون عنها. وأظن أن هذا بعيد الحصول، لأن العلماء والأساتذة الذين يتمتعون بحياة مريحة، ورزق مضمون، وهم مطمئنون لآرائهم وفلسفتهم الشخصية، ليسوا مستعدين إلا قليلاً أن يخاطروا بكل هذه المزايا في سبيل إعانة غيرهم. لهذا ستظل جامعاتكم في الغالب قانعة بوظيفتها، وهي تخريج رجال يخدمون العالم ولا ينتقدونه، فرحين بالقدر اليسير من المعارف التي ينتجونها والعلم الذي يخدمونه وبالعبارات الشفهية التي يفوهون به في محاضراتهم وأحاديثهم عن المثل العليا للحرية العلمية والعدالة العالمية.
وفي هذه الحال يجب عليك أن تفعل كما فعلت أنا، فتؤسس معاهد تنافس هذه المعاهد