العلمية ودور التربية القائمة الآن، جاعلاً غايتك خدمة الحقيقة، والحقيقة فقط، معلناً أن الحقيقة واحدة لا تتغير في كل زمان ومكان ولكل فرد. وسوف تتهم بالتحيز والتعصب، وأنك تفسد عقول الشباب بتعاليمك، وتحطم المثل العليا للمبادئ العلمية الصحيحة فلا تصغ لهذه التهم واذكر أن الرجل العالم إذا لم يكن أيضاً رجل عمل فليس جديراً أن ينسب إلى أسرة العلماء الأكاديميين، ولتكن الدراسة في جامعتك شاملة للبحوث العلمية وللدربة والمران لمباشرة الإيالة واكتب على باب جامعتك هذا الشعار (يجب أن يكون الحكم للعلم فقط). ومتى ثبتت هذه العقيدة في قلبك فلن يزعجك ما تتهم به من التحيز أو التعصب، ومن إفساد عقول الناشئة، لأنك ستعرف جيداً أن كل حقيقة جديدة يتهمها الناس بالزيف، وأن اسم العدالة أداة تستخدم لإخضاع المصلحين للنظام القائم. وهناك تغيير آخر يجب أن يدخل على عقائد طلابك، إنهم في هذه السن كرام النفوس، بيض القلوب، يعتقدون بسذاجة أن الحقيقة والحكمة يمكن أن تسودا بطبيعتهما على القوة والحيلة! وبهذا ينزلون ميدان الحياة غير مسلحين ليغزو العالم. وسرعان ما يسفر النضال عن رضوخ في الرأس، وانخداع في التفكير، وحينئذ يظهر لهم أن الشر الذي يعيش ويترعرع في القوة عدو لا تمكن ملاينته بالكلمة الطيبة والعاطفة النبيلة، بل يجب أن يضرب ويصفع حتى يخضع ويصفد في الأغلال، وبهذا لا يستطيع النهوض مرة أخرى. وهذا الدرس يجب أن يتلقاه طلبتك كل يوم في جامعتك الجديدة، كما يجب أن يكتب فوق مدخل الجامعة شعار آخر وهو (لن يدخل هذه الجامع محب للسلم) ثم ذكر طلبتك دائماً أن حكم العقل لم يستطيع ولم يفلح أن يسود البشر ولو مرة واحدة في التاريخ باللين والرفق. ولهذا وجب على الفيلسوف أن يكون مستعداً لمواجهة خصومه بقوة وعزيمة أشد من قوتهم وعزيمتهم. وأنا أنصح للفيلسوف أن يدرع بالقوة،
لأني أعلم أن مبادئه ستكون دائماً عرضة لبعض الناس، على عكس المبادئ الأخرى التي يروجها أعداء الفلسفة من حقائق مموهة يخدعون بها غيرهم. ولهذا يجب أن يسلح الفيلسوف نفسه بكل أنواع القوة والشدة حتى يروض شهوات الشر المادية الجامحة فتخضع لحكم المعرفة. دع طلبتك إذاً يعلموا أنهم إذا أرادوا أن ينقذوا بلادهم من الخراب فعليهم ألا يجعلوا روح السلم تسيطر على نفوسهم، بل يجب أن يألفوا نظام الجندية، وأن يدربوا على