ولكن هذا الفصل هو غرة هذه المنتخبات، وليته يضاف إلى مطالعات التلاميذ.
ومن هذه المنتخبات نعرف أن لطفي السيد زار (المدينة المنورة) وكتب عنها فصولاً تعد من الروائع، وكلامه في توديع ولديه يشهد بأن هذا الرجل من أرباب القلوب.
حدَّث ولديه بأنه سيغيب (ثلاثين) يوماً فبكيا، ثم ترفق فأخبرهما أنه سيغيب شهراً واحداً فاستراحا. وتلك دعابة لا تحتاج إلى ما يدل على ما فيها من لطف وظرف.
ولم يفت لطفي السيد عند زيارة المدينة أن يصور شعوره الديني تصويراً هو الغاية في الروعة والجلال.
وقد استطرد فتحدث عن المرأة العربية وعن لغة العرب (في بلاد العرب) حديثاً يشهد بأنه مفطور على التطلع والاستقراء.
وفي المنتخبات فصل عنوانه (أحبوا الجمال تحبوا الحياة) وقد بلغ الغاية في دقة النظر حين قرر أن تقدمنا في الأذواق لا يتناسب مع تقدمنا في العلوم، وهو يشهد بأن وقار بعض الناس ليس إلا صورة من صور الجمود!
وكلامه عن الصداقة كلام نفيس، ولعله استوحى هذا المعنى مما كان بين قاسم أمين وسعد زغلول.
أما كلامه عن الحب العصوف فهو كلام رجل يخاطب عوامّ الناس في صحيفة سيارة، وإن كان صدق حين قرر أن ذلك الحب يفسد الشعوب إذا تخلَّق به جميع الرجال.
وحديثه عن قاسم أمين يدل على إعزازه لحرية العقل والرأي، وفيه عبارة تشهد بأن الخطوب هي التي تؤرث مواهب العبقريين.
وأسفُه على حرمان أهل القاهرة من دخول حديقة الأزبكية بالمجان له مدلول.
وأحاديثه الصوارخ عن الآباء والأمهات والأبناء والبنات تشهد بأن الفكرة الإصلاحية سيطرت على عقله منذ أعوام طوال.
أسلوب لطفي السيد
جاء في المنشور الذي أذاعته مراقبة الامتحانات بوزارة المعارف على نظار المدارس الثانوية أن الطلبة الذين تقدموا لمسابقة الجامعة المصرية سيسألون عن أوصاف الأساليب من قوة وضعف، فما أسلوب لطفي السيد في الجزء الأول من المنتخبات؟