هذا اعتراف حضرة الأب الصريح يدل على أصل الكتاب، أي الأصل الذي طبع عنه الدكتور صبحي بك. أفلا يصح أن يكون هذا شفيعاً عند حضرة الأب في بضعة أخطاء اضطر الدكتور لإثباتها كما هي مراعاة للأصل المطبوع عنه التماساً لإصدار الكتاب في شهر واحد من الزمان؟
أما أن يخطئ الإنسان فذلك أمر طبيعي، ولكن من غير الطبيعي ومن غير اللائق بالسداد أن يتمنى حضرة الأب أنستاس أن يصبح وزيراً للمعارف في مصر فيفتتح عهده بالحكم بغرامة ٢٢٨ جنيهاً، وبالحبس ٢٢٨ يوماً على الدكتور جورجي صبحي جزاء نشره كتاباً به بعض الأخطاء!
ولقد يدعي حضرة الأب أنه لا يخطئ، لأنه لو كان يسلم بأن الخطأ واقع من أبناء آدم لما انزلق في نقده إلى حيث انزلق، ولكني أقول له إنه يخطئ خطأ فاحشاً يتعدى فيه على العلم وعلى الثابت في مظان العلم.
فقد حدث في دورة المجمع اللغوي السادسة أن قام حضرة الأب يدعي دعاوى عريضة فسقط وكبا كما يؤخذ من رد حضرة العلامة الأستاذ فيشر عليه في محضر الجلسة السادسة عشرة من الدورة السادسة. وأنقل هنا نص رد الأستاذ فيشر عليه لأن به من البيان ما لا محل معه لبياني. قال:
(قرأت أمس في محضر الجلسة العاشرة بحث كلمة (موسيقى)(موسيقا) لحضرة الأب أنستاس ماري الكرملي. وقد أعجبنا جميعاً بكثرة معلوماته وذكائه، ولكن لا معصوم من الخطأ إلا نبي. وعليه فإني أعتقد أن حضرة الزميل العلامة قد زَلَّ في بعض مواضع بحثه إذ قال في صدر بحثه:(فأقول إن العرب لم يأخذوا لفظ الموسيقى عن الروم لاتينيين كانوا أم يونانيين، وإنما أخذوها من الإرميين بدليل أنهم يقولون (هنا كلمة إرمية) وتقرأ موسيقى بالياء. والدليل الثاني أن الموسيقار العربية في نفس الإرمية (هنا كلمة إرمية) وتلفظ موسيقاراً. والدليل الثالث أنهم (أي العرب) قالوا مثلهم موسيقاراً. ولم يراع أن كل ما نقل عن اليونانية كان بواسطة الآراميين كما أن كل ما نقل عن اللاتينية قبل فتح العرب لشمال أفريقية كان بواسطة اليونان وعنهم بواسطة الآراميين.
(ولم يراع أن الكلمة الآرامية (. . . . . .) يرجع أصلها إلى الكلمة اللاتينية وأهم من هذا