ما تدل رؤياهم عليه، وهناك طائفة أخرى من الأحلام قد فسرها أبن سيرين وفي تفسيره لها شيء من التنبؤ وهاك بعض الأمثلة:
١ - جاء رجل إلى أبن سيرين وقال رأيت كأني البس خاتماً جميلاً فصه من ياقوت فقال تتزوج من امرأة جميلة غنية أي أنه حمل المعنى على المستقبل
٢ - جاءت إلى أبن سيرين امرأة وكان زوجها غائباً وقالت له: رأيت كأن أسكفة الباب العليا سقطت على السفلى، فقال أبن سيرين سيعود زوجك، وهنا أيضاً حمل المعنى على المستقبل
ونحن من جانبنا لا نتعرض لموضوع التنبؤ الآن لأننا سنوفيه حقه فيما بعد، ونكتفي بذكر رؤيا عظيمة تدل على مبلغ تضلع العرُب في تفسير الأحلام. فقد حدث المنصور أنه رأى في منامه صورة ملك الموت وسأله عن مدة عمره فأشار بأصابعه الخمسة، فاحتار المنصور في تأويل رؤياه لانه لا يعلم هل سيموت بعد خمسة أشهر أو خمس سنين، ولكنه سأل الأمام أبا حنيفة، قال له انه يشير إلى الآية (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام، وما تدري نفس ماذا تكسب غدا، وما تدري نفس بأي أرض تموت) فكأن ملك الموت يريد أن يذكره بالخمسة أشياء التي لا يعرفها غير الله ومن ضمنها وما تدري نفس ماذا تكسب غدا
هذا هو تفسير أبي حنيفة، ولعمري لا يمكن لفرويد ان يزيد شيئاً على هذا التفسير، اللهم إلا إذا قال كعادته إن هذه الرؤيا تمثل محاورة بين النفس والضمير، فالنفس ترغب في معرفة عمرها والضمير بصورة ملك الموت يقطع عليها هذه الرغبة قائلا إن ذلك من علم الله
وإنني مع اعترافي لفرويد بالنبوغ في التحليل النفسي بواسطة الأحلام، وأنه هو الذي نبه العصر الحديث إلى أن الأحلام لها مغزى يجب أن نعرفه إذا أراد أن نعرف حقيقة أنفسنا، وان التحليل النفسي هو الطريقة المثلى لعلاج الأمراض العصبية علاجاً أكيدا. أقول مع اعترافي بكل هذا فإنني اشعر بأن هذا العصر الحديث مدين لابن سيرين ومفسري العرب لأنهم هم الذين أثاروا الطريق لفرويد حتى وصل إلى هذه الشهرة العالمية العظيمة، ومن الغريب أن فرويد في كتبه العديدة لم يذكر كلمة عن ابن سيرين.