وقبل أن أتكلم عن علاقة الرؤيا بالمستقبل أود أن أذكر هنا رؤيا أخرى مما طلب إليّ تفسيره
١ - شاب موظف متزوج وله أطفال رأى كأن في بيته فراريج صغاراً داس على فروج فمات
هذه رؤيا ظريفة وصغيرة ولكنها تدل على معنى كبير لان الفراريج رمز للأطفال، فهل من المعقول أن والداً يود موت طفله بيده؟ فقد يبدو ذلك محالا، ولكن الواقع أن الأسئلة قد جعلته يعترف بأنه ليس سعيدا في حياته الزوجية، وأنه يتمنى لو لم توجد هذه الرابطة: رابطة الأطفال بينه وبين زوجته
إذن تريد النفس ألا يكون هناك أطفال، ولكن الضمير يقف حائلا دون ظهور هذه الرغبة فتكتفي النفس بتمني موت طفل واحد ولكن تحت ستار آخر غير ستار كراهية الزوجة، وهذا الستار هو أن ذلك الطفل مريض مرضاً خطيراً وخير له أن يموت من أن ويواجه الدنيا في المستقبل ويده اليمنى مشلولة. ذلك الذي يتمنى موت طفله لان يده اليمنى مشلولة يقول أيضاً بأن بعض الأطباء قر بأن الشلل موضعي وان الشفاء ممكن لو عنى به العناية اللازمة إذن فليست هي الشفقة التي تدفعه إلى تمني موت طفله إذ أنها بالعكس تدفعه إلى معالجة ذلك الابن المرموز له بفروج صغير في الرؤيا، وعلى هذا فالوضع الظاهري للحالة هو التخلص من الابن شفقة به، والوضع الحقيقي هو انه يرغب في الانفصال عن زوجته فترغب نفسه موت أطفاله في هذا السبيل
إلى هنا نقف برهة عن سرد أمثلة أخرى لانه قد يتبادر إلى الأذهان السؤال الآتي
إذا كان فرويد قد تتبع طريقة ابن سيرين في تفسير الأحلام فلماذا نرى هذا الفرق العظيم في نتيجة التفسير؟ ففرويد مثلاً يقول لصاحب الرؤيا إن عندك رغبة في كذا، ولكن ابن سيرين يقول لصاحب الرؤيا أنت حدث لك كذا أو سيحدث لك كذا؟
أما كشف حوادث الماضي فان ذلك ممكن لمحللي النفس كما كان ممكنا لابن سيرين، ولكنهم لم يكتفوا بالكشف عن حوادث الماضي بل تخطوها إلى معرفة رغبات النفس التي اقترنت بهذه الحوادث، والذي يعنيني هنا هو تعرض ابن سيرين لحوادث المستقبل.
والواقع أن ابن سيرين كان أستاذاً في الإيحاء الذي يسمونه كما كان أستاذاً في التحليل