أن يشاركك في النظر إليها أو قراءته من حولك، ومن ليسوا حولك. بل أكثر من ذلك فإنهم يبدون لك ملاحظاتهم، فيقول أحدهم مثلا:(لو وسًدت رأسك كفك في الصورة لكان أفضل) أو: (لو كانت الصورة على مسافة أبعد لكانت أوضح من ذلك) أو: (هذا الخطاب مكتوب بخط عجيب). . . إلى غير ذلك من الملاحظات التي لا تنتهي إلا بإخفاء ما في يدك عن نواظرهم.
وعلى الرغم من هذا الفضول العجيب فقلما يلتفت إليك ماًر وأنت تعانق فتاة أو تغازلها ولو كنت في جمع من الناس لكثرة ما أخذت عيونهم مثل هذا المنظر. وقد حدث لي في أول لياليً ببوخارست أن كنت أتناول العشاء في مطعم مع صديق مصري وصديقة رومانية؛ وكانت معي بعض صور لأهرام الجيزة فرغبت الفتاة في واحدة منها، فقال صديقي معابثا:(وكم تدفعين ثمنا لهذه الصورة؟) فقالت: (ما يطلب) فقال ضاحكا: (إنه يقنع بقبلة أو قبلتين، وإن كانت الصورة ثمينة جداّ) فقالت: (إذن فليفعل) فقال: (ليس أمام كل هؤلاء الناس) فقالت: (وما شأنهم في ذلك؟). ثم قامت فقبلته وقبلتني، فأخذني الخجل، وجعلت لا أتلفت حولي خشية أن تأخذني الأنظار من كل جانب فتزيد في خجلي، ولكن لشد ما كانت دهشتي حين تلفتً فلم أجد أحداّ أعار ما حدث أي اهتمام، بل وجدت كل من حولي يفعل ما نفعل!
ومثل هذه الحال من المجون والاستهتار كان لها أثر بالغ في حياة أطفالهم، وصغار الفتيات، ما كنً يترامين علينا في أوقات من الليل
والظاهر أن هذا الانحلال الأخلاقي في رومانيا، مرجعه الحروب المتلاحقة التي تقلًبت عليها فأفنت رجالها، ثم خلفتها وعدد نسائها أكبر من عدد الرجال، وهؤلاء الرجال ـ على قلتهم ـ منصرفون عن النساء لكثرة عددهن، وسهولة منالهن، لذلك نرى رجال رومانيا وشبانها مدللين متراخين قليلي الغيرة على جانب غير قليل من الطراوة والضعف والتهاون مع نسائهم: فالفتاة في بوخارست. قد تسهر معك إلى الثانية عشرة، أو الواحدة صباحا، ويستأذن أخوها أو قريبها لينصرف، وهو يقول لكما مبتسما: أرجو لكما وقتاّ طيباّ، أو سهرة موفقة، أو شيئاّ من ذلك. ثم ينصرف لشأنه
وفتاة بوخارست فوق ذلك من أجمل نساء العالم وجهاّ وجسماّ ومن أكثرهن تحرراّ، فهي