في النصف الثاني من هذا القرن عاش الهمذاني، فنبين سيرته وأخلاقه ثم ننظر مكانته من أدب هذا العصر
أ - أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد بن بشر الصفار المعروف ببديع الزمان الهمذاني، ولد في همذان ١٣ جمادي الثانية سنة ٣٥٨ من أسرة عربية:
ذلكم بأنه يقول في رسالة إلى الفضل بن أحمد وزير السلطان محمود، (إني عبد الشيخ واسمي أحمد، وهمذان المولد، وتغلب المورد، ومضر المحتد،) وكأنه يريد أن يقول إنه مضري الأصل، ولكن أسرته عاشت في تغلب. وفي رسالة إلى الشيخ أبي القاسم يعتذر عن التخلف عن الحضور بالزكام، ويقول عن رجل أسمه أبو الحسن يظهر أن اسمه سقط من الرسالة:(وما أشد استظهاري بخلافته وإن لم يكن من ولد العباس والله يبقيه علما للفضل) فيقول أبو القاسم في الجواب. (والشيخ أبو الحسن فوق شروط الخلافة، فان كان المستخلف تغلبيا، جاز أن يكون الخالف كسرويا)
فالتغلبي هو الهمذاني نفسه. ودليل آخر أنه كتب إلى القاضي أبا الحسين علي بن علي:(أنا أمت إلى القاضي أطال الله بقاءه بقرابة، إن لم يكن عربياً فأبي وأبوه إسماعيل، وعمي وعمه إسرائيل، الخ)
ب - ويؤخذ من رسائله بعض أخبار أسرته: يؤخذ منها أن أبويه عاشا إلى أن كبر وترك همذان، وأن أخاه أبا سعيد كان صغيراَ حين بداء هو أسفاره. ويؤخذ من معجم الأدباء أن أخاه أبا سعيد كان مفتي همذان، ويؤخذ من رسائل أيضا أنه كان له ابن صغير أسمه أبو طالب، وأن أحد أعمامه لحق به في أسفاره، وعاش معه عشر سنين.
ويفهم من رسائل كثيرة أن أباه أرسل إليه أول الأمر مالا وأمره أن يرجع إلى همذان، ولامه على طول غيبته، وأنه هو أرسل إلى أبيه مالا من بعد وسأله أن يلحق به، وأن أباه وعده ذلك ثم لم يفعل حتى غضب البديع، وكتب إلى أخيه أبي سعيد دون أبيه. ومن رسائله إلى أبيه: (كتابي أطال الله بقاء سيدنا من بوشنج، لك أسوة بيعقوب في ولده، إذ ظعن إليه من بلده. وليس العائق سور الاعراف، ولاجبل قاف، فلم لا ينشط؟ والله لا يضيع بذلك المكان درهماً إلا عوضه دينارا، ولا يعدم هناك دارا إلا أفدته ديارا. . .
وقد رسمت لموصل كتابي هذا أن ينقده مائة دينار بشرط أن يخرج وأن يرتب له عمارة