للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بلسان الحال.

وتظهر هذه الشجاعة فيما كتب العقاد عن (المرأة) فكلامه في هذا الموضوع الدقيق لا يصُدر إلا عن الملهَمين، ولو شئت لقلت إنه فَصَل في هذه المشكلة بما لاُ يبقى مجالاً لأحد من بعد، فقد استوفى الموضوع من أطرافه بكلام مُحكم سديد، وهو من أقدر الكاتبين على الغوص في أعماق المعضلات.

(خيانة المرأة لا تعاب على المرأة)

هذا كلام غريب، ولكن العقاد يفسره تفسيراً صحيحاً، فتلك الخيانة المرذولة لها وجه جميل هو الوفاء للحياة.

(غرام المرأة بالمال فرع من غرامها بالشباب)

هذا أيضاً كلام غريب، ولكن العقاد يفسره تفسيراً صحيحاً فقد كانت القدرة على اكتساب المال من أقوى الشواهد على الرجولة في جميع الأزمان.

(المرأة دون الرجل في جميع الأوصاف وهي لا تقدر أبداً على القيام بما يقوم به الرجال)

وهذا كلام أغرب من سابقَيْه، ولكن العقاد يقف موقف النمر الشرس ويقول:

(إننا في عصر يميل إلى محاباة المرأة فيما يكتب عنها من آراء فلسفية كانت أو اجتماعية، لأن آداب الأندية توشك أن تبغي على آداب الكتابة ومباحث الفكر، فيحبس الكاتب قلمه عن كل ما يغضب المرأة ولا يوافق دعواها، كما يحبس لسانه عن ذلك في أندية الأنس ومجالس السَّمر، ويكتب حين يبحث في مسائل الاجتماع بقلم السمير الظريف لا بقلم الناقد الأمين)

ثم يجعل السذاجة والبلاهة والغفلة من نصيب المتظرفين الذين يحكمون بأن المرأةُ ظلمتْ فيما سلف من عهود التاريخ.

والحق أن أنصار المرأة لم يكونوا إلا رجالاً ضعفاء، فهي لم تخلَق إلا لغاية واحدة، هي بقاء النسل، وهي لم تقدر ولن تقدر على مباراة الرجال في جلائل الأعمال.

وكيف تستطيع ذلك وهي قد أشركت بوظيفتها الأنثوية؟ الرجل هو الذي يخلق المرأة، يخلقها على هواه، ويتمثلها كائناً حياً له مآرب وأغراض، وهي أمام العقل دُمية مصنوعة لاُ تفصِح ولاُ تبين بعد ذلك الشّرك الدميم

<<  <  ج:
ص:  >  >>