٦ - غض العقاد من عمر بن أبى ربيعة، لأنه وقف شعره على فن واحد هو النسيب، ولو تأمل العقاد لعرف أن ابن أبى ربيعة من كبار المبتكرين، ومن عظام المغامرين، وهو عندنا أول شاعر رأى قضاء العمر في الهيام بالجمال عملاً تُنصب له الموازين.
٧ - وحكم العقاد على ابن مناذر وابن الضحاك بمثل ما حكم به على عمر، فأين علمه الصحيح بمواهب هذين الشاعرين ولم يبق لواحد منهما ديوان يشهد بما له أو عليه؟ وكيف فاته التنبه إلى ما كان لهما من التأثير العميق في الحياة الذوقية والاجتماعية بالعراق؟
الظاهر أن العقاد لا ترضيه إلا أن يكون الشاعر مغرماً بتشريح الـ كما أجابني حين قلت له إن الشريف الرضي كان أولى بعنايته من ابن الرومي، فليعرف إن شاء أن الشاعر لا يفكر في إرضاء الناقدين، وإنما يفكر في تأدية الرسالة الموحاة إليه من عالم الغيب، أو عالم الطبع، ولا يهمه بعد ذلك أن يقال إنه عرف شيئاً وغابت عنه أشياء.
موقف محرج!
لم أصل إلى ما أريد في تشريح كتاب (المطالعات) للأستاذ عباس العقاد، لأن منهج هذه الدروس الاكتفاء يوجب الاكتفاء بمقال واحد عن كل كتاب، ولأن امتحان المسابقة سيكون بعد أسبوعين اثنين، فماذا أوصى به طلبة السنة التوجيهية وهم يراجعون هذا الكتاب الدقيق؟
أوصيهم بأن يذكروا أن العقاد له في كل فصل منهج خاص وأنه قد يناقض نفسه من حيث لا يشعر، لأن يومه قد ينفصل عن أمه كل الانفصال.
وأوصيهم بأن يذكروا أن العقاد مولع بالرنين في الأسلوب لأنه شاعر، والشاعر حين يكتب لا يستطيع التخلص من الغريزة الموسيقية، وهل يطيب النثر الفني ويجود إلا من الكتاب الذين كانوا في مطالع حياتهم شعراء؟
وأوصيهم بأن يذكروا أن عيب العقاد وعيب المازني في الغرام بالسجع والازدواج عيب مغفور، لأن هذين الكاتبين لم يكونا إلا شاعرين ضاق عنهما نظام القريض.
وأوصيهم بأن يذكروا أن المازني والعقاد لم يغتصبا تلك المنزلة الأدبية بجهادٍ موصول جاوز الثلاثين من الأعوام السّمان والعجاف.
وأوصيهم بأن يذكروا أن غرام المازني والعقاد بالشرح والتفصيل فيما يعرضان له من