له أن الحياة في وحدة قوانينها وتشابه دوراتها ومقاطعها ما هي إلا شيء محدود ممل مسئم. . . ولكن الإنسان أدرك عظمة الله وعظمة الكون لما أدرك عمق نفسه وعرف الطريق إلى الكمالات والصور التي لا تتناهى لما عرف باطن نفسه إلى عالم أرحب وأوسع لما طال النظر في نفسه
وما عرفت الإنسانية جلال الله ولا تبينت صفاته وتوضحت لها حكمته، إلا من عقل الإنسان الفائق الذي أطال النظر في الدنيا ذات الدورات المحدودة المكررة وأطال النظر في النفس ذات الدورات غير المحدودة وزواج بين هذه وتلك
وهذا يسلمنا إلى أن نقول: إن الإنسان هو الحياة الدنيا بالمعنى المعقد المركب غير المتناهي. . .
ولا حد للحياة إذا التقت الطبيعة بالعقل الإنساني الذكي الحساس المفكر. . .
ولا دخل الطبيعة إلا في تقديم المواد الخام إلى يده وفكره ليصنع بهما ذلك التنويع المدني. . .
ويخيل إلى أن روحه ميراثاً خفياً من نظام الجنة وجمالها وراحتها واتساعها، وهو يحاول بعد طرده منها أن يوجدها في الأرض. . . والله معه!
وإذا كان كل شيء في هذا الوجود يرمز إلى معنى بسيط فإن النوع الإنساني يرمز إلى جميع أنواع الحياة وألوانها مضروباً بعضها في بعض كما يضرب عدد هائل من الأرقام في نفسه من الواحد إلى آخر العدد إن كان للعدد آخر. . .
فالإنسان هو (مكان) التقاء عوالم الوجود المشهود كله ليحدث من النقاء كل شيء بكل شيء منفردين نتائج وصور بسيطة، ومن التقاء جميع الأشياء بعضها ببعض نتائج وصور معقدة لا يمكن تقريبها إلا للعقول الكبيرة التي لا تكاد تدركها إلا بالوهم أو الذهن الرياضي صياد الأخيلة والأحلام والفروض
وعمار عالم الفكر بتلك المعاني الناتجة عنه هو وتنوعها إلى ما لا نهاية أمره معجب! وخصوصاً إذا تصورنا أنها معان محدودة بحدود الرءوس البشرية، معدومة في غيرها، إلا إذا خرجت وتجسدت وتشكلت في قميص مادي. . .
ترى هل هي ذات وزن وحياة عند الله الكبير ذي العقل المحيط والعلم الواسع؟ وهل هي