عرف قراء الرسالة خبر الخطاب الذي تلقيته وأنا في باريس من الدكتور طه حسين، الخطاب الذي قال فيه (أحمد الله إليك) وهي العبارة التي عدّها من المخترعات، وصار يبدئ ويعيد بأني تعودت الافتراء عليه؛ ثم ظهر أن الخطاب صحيح بشهادة كاتبه الأمين (توفيق)، وقد رجوت الدكتور طه أن يشتري مني ذلك الخطاب قبل أن أبيعه لمتحف وزارة المعارف، ولكنه لاذ بالصمت البليغ
أتركُ الدكتور طه لشأنه، فقلبي يحدثني بأنه رجلٌ لا يحفظ العهد، وأنتقل إلى الأستاذ مصطفى أمين المفتش المساعد لكبير مفتشي اللغة العربية بوزارة المعارف
عندي ذخيرة للبيع، ذخيرة أدبية ولكن أين المشتري؟ وأين من يعرف حاجتي إلى المال وقد شاع وذاع أني من الأغنياء؟
عندي كتاب لا يصلُح للاقتناء من حيث هو كتاب، ففي مكتبتي منه نسختان، وإنما يصلح للاقتناء حين يتبرأ منه من أُهدِيَ إليه، وهو صديق (أمين)!
هذا الكتاب هو (تاريخ آداب اللغة العربية في العصر العباسي) للمرحوم الشيخ أحمد الإسكندري وعليه إهداء بإمضاء المؤلف (إلى حضرة صديقه المفضال مصطفى أمين) وبتاريخ ٢٦ يناير سنة ١٩١٣
فأي أثر أعظم وأشرف من كتاب يهديه الشيخ أحمد الإسكندري إلى صديقه الأستاذ مصطفى أمين في مثل ذلك العهد البعيد، يوم كان الناس يعرفون قيمة الوداد؟!
أين نحن من سنة ١٩١٣؟
وهل هان كتاب الشيخ الإسكندري وكان من المراجع التي اعتمد عليها مؤلف (ذكرى أبي العلاء)؟
هو كتابٌ وجدته عند أحد البقالين بمصر الجديدة وقد اشتريته بنصف درهم، فأين من يشتري مني هدية أحمد الإسكندري إلى مصطفى أمين؟
وأين متحف وزارة المعارف لأقدم إليه تلك التحفة السنية؟ أين لا أين؟!
جريمة الكتمان في نظر الجنية الحسناء
لم يكن الكتمان جريمة قبل أن أُسرف على نفسي بالكلمة التي نشرتها في (الرسالة) عن