الجرائم الأدبية، وكنت نسيت تلك الكلمة، فلم يذكّرني بها غير الملام الذي عانيتُه من الجِنّية التي كانت ترى أن أعلم الغيب فأعرف لأي سبب قضت أيام الصيف في الصعيد، الجنية الرخيمة الصوت التي تُزلزل وجودي حين تباغمني الحديث من وراء حجاب، الجنية التي تقرأ الأشعار والمقالات والأقاصيص وتزعم أني أسرق أفكارها المبتكرة في كل ما أحدث به قرائي من ألوان الجد والفتون، والتي تهدد برفع أمري إلى القضاء إن عدت إلى انتهاب ما تُسِرُّ إلى أذنيّ أو عينيّ من معاني وآراء
من الذي يهدّد، يا شقية، أنا أم أنتِ؟
ومن السارق والناهب؟ أنا أم أنتِ؟
أتحداك في السر والعلانية أن تمضي خطوة واحدة في تنفيذ ذلك التهديد، فإن فعلتِ فسوف ترين كيف أقتلع جميع الأشجار والأزهار من الجيزة الفيحاء، وكيف أصيّرها أقفز من الفؤاد الذي جازه غيث الحب فأمسى وهو يَباب
ومن أنتِ حتى أسرق منكِ؟ هل كنتِ إلا طيفاً شفافاً يحاور روحي وهو معتصم بأجواء السماء؟ هل كنتِ إلا روحاً يتمثل في صوت رنان حنان نُقِل من وادي الخلود إلى وادي الفناء، إن جاز القول بأنك من أهل دنيانا الفانية؟
من أنتِ حتى أسرقُ منك، ومن دمي المسفوح على سنان القلم خُلِق روحك الظَّلوم؟ أنا أسرق منكِ وما كان ذكاؤك الوهّاج إلا شرارة طارت عن فؤادي؟ ويطيب لك أن تحتجبي عني لتصح دعواك في التأبي والتمنع. فهلا نطقت بقولة الحق فاعترف بالخوف من المصير المحتوم لمن يواجه اللهب العاصف؟
حماك الله من روحي، يا شقية وكتب لك السلامة من غزوات قلمي!
ثم تعالَيْ إلى كلمة سواء:
لقد هدّدتِ بالقطيعة الباغية إن لم أكتب (الصفحتين الممزقتين من جديد) الصفحتين المظلومتين بسبب التخوف من الأكاذيب والأراجيف
فمن يردّ عني عدوان أبناء الزمان، إذا خرجت على شريعة الكتمان؟
أنت يا طفلتي جاهلة جَهْلاء، ولو كنت تعرفين من خلائق أهل العصر بعض ما أعرف لعز عليك أن تعدي الكتمان من الذنوب