(وإنك لتعلم، أيها القمر، كيف كنت أَصدِف عنك، وأنا أطالع ذلك الوجه الذي نَعِمتَ معي بثغرة المفلِّج، وأنفه الأقني، وطرفه الأحور، وجبينه الوضّاح. وإنك لتعلم، أيها القمر كيف هجرتك حين غاب، وتعلم أني لا أنظر إليك إلا حين السِّرار لأرى كيف يفعل الشحوب بك، وكيف تنال منك الليالي! وإنها لشماتة طفيفة أحزن من بَعدها على خلود متعتك بصِباح الوجوه، وعلى عودتك لشبابك، في حين أني أودِّع كل يوم جزءاً من شباب، ووا حسرتاه على ما أُودِّع من أجزاء الشباب!!)
ولكن لا بأس، فقد نويت أن أعيش إلى أن أرى الشمس والقمر من بعض ما أملك، وما دام هذا القلم طوع يميني فلن يَبيت قلبٌ إلا وهو مني على هوىً أو بغض فما كنتُ في زماني إلا صوت القلب والوجدان.
نويت أن أعيش، نويت أن أعيش، وليس على الله بعزيز أن ينصر أرباب القلوب.
إلى طلبة السنة التوجيهية.
تلقيت خطاباً من الأقصر (بفتح الهمزة وسكون القاف وضم الصاد، وهي جمع قصر، وبذلك سنيَّ العرب تلك المدينة لكثرة ما رأوا فيها من أًقْصُر الفراعين). أقول تلقيت خطاباً من الأقصر بإمضاء (غريب جادو) يثني فيه على الدراسات التي نشرتها (الرسالة) في تشريح الكتب الخاصة بمسابقة الأدب العربي. ثم يقترح أن أكتب مقالاً مفصَّلاً عن كتاب (المكافأة)، ومقالاً آخر عن كتاب (الأدب التوجيهي).
وأجيب بأني فصَّلت القول عن كتاب المكافأة ومؤلفه أحمد بن يوسف في بحث يقع في تسعَ عشرة صفحة من كتاب (النثر الفني)، وليس عندي ما أقوله بعد ذلك البحث المفصَّل، فمن كان يهمه أن يعرف أسرار (المكافأة) فليقرأ ذلك البحث. أما كتاب الأدب التوجيهي فسأخصصه بمقال أو مقالين بعد أسابيع.
الهجوم الآثم على الشيخ سيد المرصفي
كثرت الخطابات التي تَرِد إليّ في تحقيق ما ادعاه الأستاذ السباعي بيومي في حق الشيخ سيد المرصفي، وكنت أغفلت هذا الموضوع عن عمد، لأن الأستاذ السباعي له عليّ حقوق؛