للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وهل ألام على ما صنعت وأنا أعيش في مَسبعة سميتْ تفاؤلاً بالروض؟

وتقول: إنني اجتذبتك إلى هذا الروض؛ وما قلت إلا الحق فقد كان قلمي ولن يزال مسموع الصوت، مستجاب الدعاء، ولكن كيف أجتذبك؟ ما صنعت ذلك ترفقاً بك ولا عطفاً عليك، وإنما أردت ان تكثر النفوس في تلك المسبعة الفيحاء، ليذهب عني بروحك المؤنس بعض ما أقاسي من مُضجِرات الاستيحاش، إن صح لمثلي أن يتهيب العزلة والانفراد في روض السباع الضاريات

أما بعد، فهذا روض الأدب، وهذا بلبل يعود بعد طول الغياب، ليغَّرد فوق أفنان (الرسالة) الشَّجراء

والحق أنه لن يرى لأول وهلة أن روض الأدب من الغابات الوحشية، وكيف وفي ذلك الروض كتاب وشعراء وعلماء؟ ولكن العبرة بالخواتيم، والخواتيم في أيدي أناس غير أولئك، ناس لا يعرفهم ولا يعرفونه، وهم الذين يحكمون على الأدب وهو منهم براء

لو فهم كل قارئ ما تريد أن تقول، لكان من السهل أن يأتلف الأسد والغزال، والبلبل والثعبان

ولو فهم كل قارئ أن للكاتب حقاً في أن يؤدي رسالته بالأسلوب الذي يختار لعرف قومٌ أن لا موجب للحيرة في أمري وقد طويتُ محاسني ونشرتُ عيوبي، لأسلم من آصار التكبر والإزدهاء، ولأجعل الرأي في سعادتي وشقاوتي لمن تفرد بالعزة والجبروت، وله الحمد وعليه الثناء

هذا روض الأدب، وهذا بلبل يعود

أهلاً وسهلاً ومرحباً!!

ولكن يجب أن يعترف الأستاذ البشبيشي بأننا خصصناه بالأهل والسهل والمرحب، وهي ألفاظ لم نسمع بها في هذا الروض فما كان إلا مسارب صِلال ومدارج ذئاب

الأدب؟ الأدب؟

ماذا جنينا من أيامه ولياليه وقد سبَقَنا المتجرون بالنمائم والدسائس والأراجيف؟

إن الجاسوس يملك من الثروة أضعاف ما يملك الأديب، وأهون الحظوظ في الدنيا هي حظوظ الأديب؛ فأين من يتوجع لبلائنا بالدنيا والناس؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>