وأنتهز هذه الفرصة فأوجه العتاب إلى رقابة البريد في مصر، فهي تفتح جميع الخطابات التي ترد إلي من العراق، فماذا ينتظر الرقباء؟ هل يتوهمون ان من المحتمل أن يكون في تلك الخطابات ما يستوجب السؤال والجواب؟
وماذا يصنع رجل مثلي أكثر من الذي صنع ليقنع قومه بأنه لا يعرف غير الهيام بخلق المودّات لمصر في أقطار الشرق؟ وكيف كانت تصير الصلات بين مصر والعراق لو صفح قلمي عمن حاولوا تكدير تلك الصلات؟
الرقباء ينفذون خطة يقضي بها الواجب، ولكن من حقنا على الدولة أن نذّكرها بأننا نعرف من المسؤولية مثل الذي تعرف، فنحن جنودها الأمناء، وما يجوز لها ان تؤذينا ولو بالتلميح، إلا ان يقال إن الرقباء لا يعرفون اسم زكي مبارك وهو عُذرٌ مقبول!
٧ - وأريد أن أشكر للأديب الذي يكتب إليّ من (فارسكور) حماسته البالغة في ملاحقتي بالنقد العنيف، ثقةً بأن خفاء اسمه ينجيه من بطش قلمي! ثم أرجوه أن يتذكر أن عنواني هو (مصر الجديدة) فلا موجب لهيام خطاباته بين إدارة الرسالة ووزارة المعارف، فقد يعرضها ذلك الهيام للضياع
أما التوجيه الذي ينتظره مني فهو سهل؛ فقد دلت رسائله على تباشير من الفهم الصحيح، ويكفي ان يثابر على المطالعة الجدية بدون انقطاع، وليقصر مطالعاته مؤقتاً على أطايب المؤلفات في الأدب الحديث، لأنه أقرب إلى الإفهام والعقول، إذ كان صوراً تمثل أذواق الناس في هذا الجيل، وله بعد ذلك ان يطالع من الأدب القديم ما يشاء
وأعتقد أن من حقه أن ينشر في (الرسالة) بعض خواطره، لأنه يملك القدرة على التعبير المقبول
٨ - وأريد أن أقول للأستاذ (م. م. م) إن نثرك أقوى من شعرك، وقوة الروح لا تعوزك، وإنما يُعوزك ما كان يسميه القدماء (شِدة الأَسر) في صوغ القصيد، فأرجو أن تكثر من حفظ القصائد الجياد ليرتاض طبعك على النظم الرصين
أما الأديب (مجنون القريض) فسيكون له بين الشعراء مكان
٩ - وأريد أن أقول للأديب (الصنعاني) إني تلقيت خطابه بأطيب القبول، ونحن أنصار الحرية في الرأي، فمن واجبنا أن نرحب بكل ما يؤيد دعائم الحرية، وإن أخطأ صاحبه في