المجاهر والمخايير والعقاقير، فهو لا شك واصل إلى التغلب عليها في سائر البقاع ما دام قد تغلب عليها في مناطق المستشفيات ودور النقاهة وكثير من المنازل والمدن التي لا تهمل وسائل الوقاية العلمية. . .
وإنه لجهاد مشكور وأمر عظيم أن يقتحم الإنسان بعلمه وأدواته هذه المناطق التي عاشت دهوراً وراء نظره وفوق وهمه وتخيله. . .
وإنها لعناية من بارئ الطبيعة بهذا النوع أن يعرفه أعداءه واحداً واحداً ويمكن له في الأسباب حتى يتغلب عليها جميعاً. . .
وإنه لبدء حياة جديدة لهذا الإنسان في الأرض أن يعلم ما ظهر وما بطن وما خفي وما استعلن من هؤلاء الأعداء. . .
وأظن يا صديقي أن من السهل على الذي تغلب على أعداءه من الجراثيم الخفية أن يتغلب على غيرها من البراغيث الظاهرة. . . تلك التي حسبت واحداً منها جديراً أن يقض مضجعي فأشفقت عليَّ. . .
فلتلد بطون الشر والألم ما تستطيع من أطفالها. . . فستلد قوانين العلم مقامع ومهالك لهذه الأطفال. . .
وإن الأشقياء الهالكين في الحياة الدنيا هم الكافرون بالعلم وبالإنسان الذي أنتج هذا العلم. . .
أولئك الذين يعيشون بأساليب القرون الجاهلة العاجزة، وينظرون إلى الحياة نظر العجز وضعف الثقة بروح الإنسان وعقله، ونظر القاصرين الذين لم يدركوا ذلك النمو السريع للحياة الإنسانية في مدى قصير جداً من الزمن وهو أربعة آلاف سنة وهي عمر التاريخ الذي نعرفه. . .
أولئك الذين لم يدركوا بعد كيف قفز الإنسان في السنوات الخمسين الأخيرة من عمره قفزات حققت كثيراً من أحلامه في الانطلاق والسيطرة والإنتاج والاستغلال والتوليد والتقارب بين أجناسه وأقطاره واختزال المسافات والأبعاد وإقامة الأرصاد لحوادث الحياة وظواهر الطبيعة
أولئك الذين لا يزالون يعيشون كما كان يعيش آباؤهم الأولون الذين لم يكونوا يعرفون من