أبنائها للتشرد البغيض، لأنها ترمي ثلاثة أرباعهم في الشوارع بلا رحمة ولا إشفاق، بحجة أنهم لا يجيبون وفقاً لنماذج الإجابة، وهي صور لا يضعها من شابت نواصيهم في التعليم إلا بعد إجهاد الفكر في غَفوات الليل!!
ليت المدرسين يعلمون! ليت المدرسين يعلمون! ولو استطعت لكررت هذه العبارة ألف مرة! ولكن أين من يسمع؟!
يدخل المدرسون إلى أماكن التصحيح في الامتحانات العمومية وهم لا يدركون ما يُقبِلون عليه من شؤون لا يجوز فيها المزاح، فيصنعون ما يصنعون بمصاير جيل بريء لا ذنب له غير الاعتراف بأبوّة أولئك (الراحمين)، وتكون النتيجة أن يفقد أكثر الشبان فضيلة (الاكتراث) لأنهم يشهدون أن المقصر قد يفوز، وأن المجاهد قد يخيب. وأين الفوز في امتحانات لا ينجح فيها بين كل مائة تلميذ أكثر من ثلاثة وعشرين ثم لا يُقبل منهم في الجامعة غير آحاد!
والأمة المصرية التي تبحث عن المعادن المطمورة في الصحراء الشرقية والغربية هي ذاتها الأمة المصرية التي تقتل عواطف شبانها بسيف الامتحانات العمومية؛ ثم يأخذ بعض جلاديها جزاءهم على ذلك القتل، ولم يبق إلا أن تُحلَّى صدورهم بالأوسمة والنياشين!!
غيِّروا بأنفسكم، يا بني آدم، من المدرسين بهذه البلاد. غيروا بأنفسكم، قبل أن يضع الله السم فيما تنالون من أجور الامتحانات!
المعروف للجميع أن البكالوريا في مصر أصعب منالاً من البكالوريا في فرنسا وإنجلترا وألمانيا. فهل نحن أعظم من الفرنسيين والإنجليز والألمان؟
وماذا غنمنا من قوة البكالوريا في مصر وهي لا تكفي للانتساب إلى الجامعة المصرية إلا في حدود أضيق من سمْ الخِيَاط؟
نريد أن نعرف مصاير أبنائنا في هذا البلد الذي قيل فيه إنه مَجمَع الغرائب!
نريد أن نعرف إلى أي حد تنتهي الخصومة بين الجامعة ووزارة المعارف!
ولكن من يبلغ هذا الصوت إلى الرجال المسئولين؟
من يبلغهم هذا الصوت والشيوخ والنواب لا يهتمون بغير مسائل فردية يتقدم فيها طالب على طالب بدرجة أو درجتين؟