ثم لقيني صديق عزيز فقال: لم يرضني تحدَّيك للأستاذ السباعي بيومي، فقد كان يتفق في أحيان كثيرة أن يجعل مقالاتك من موضوعات الدروس بدار العلوم وذلك من شواهد الإعجاب.
وعندئذ رجعت إلى نفسي فحفظتُ للأستاذ هذا الفضل، وآثرت الصمت، ولكن الأديب علي محمد حسن كتب إليّ خلاصة ما تجنَّى به السباعي على المرصفي وأكد أنه قال:
(أنا أحذركم من قراءة كتاب المرصفي فإن فيه من الخطأ أكثر ما يتوهم أن يكون في كتاب الكامل من الخطأ، وأنا أدعوكم مرة أخرى إلى إساءة الظن بهذا الرجل، فقد كان ممتلئاً غروراً) وأكد هذا الأديب أن الأستاذ السباعي لن ينكر ذلك الكلام (وقد كان الحضور كثيرين من أساتذة وطلاب)
ومع هذا فقد كان في النية أن أسكت عن الأستاذ السباعي لأنه صديق، ولأن هجومه لن يقلقل مركز الشيخ المرصفي وهو أرزن من الجبال، ولأن الأقدار قضت بأن يكون الأستاذ السباعي من زملاء الأستاذ محمد هاشم عطية والأستاذ أحمد زكي صفوت، وهذه الزمالة تمنحه عندي طوائف من الحقوق.
ثم ماذا؟ ثم رأيت أنه ليس من الصعب أن أدفع الشر عن تاريخ الشيخ المرصفي، وأن أقدِّم في الوقت نفسه خدمة أدبية للأستاذ السباعي، ولن يُخدَم الأستاذ السباعي وهو صديق إلا بجذبه إلى الجدل على صفحات الرسالة في أسلوب رفيق لا يغض من مركزه بين تلاميذه بمدرسة دار العلوم.
وإنما نصصت على الأسلوب الرفيق لأن أكثر الأدباء يفرّون من وجهي بحجة أني لا ألقاهم إلا بقلم تطير على أسلاته شظايا الشراسة والعنف.
وقد استجاب الأستاذ السباعي لهذه الدعوة، وأعلن على صفحات الرسالة أن في الخصومات الأدبية مجالاً واسعاً للبحث والتدقيق.
وما دام الأمر كذلك فأنا أقدم الحقائق الآتية:
أولاً - قضى الشيخ سيد المرصفي شبابه في خدمة كتاب الكامل للمبرد، وظفر من ذلك الجهاد بكتاب اسمه:(رغبة الآمل في شرح الكامل) وقضى الأستاذ السباعي بيومي شبابه في خدمة كتاب الكامل للمبرد، وظفر من ذلك الجهاد بكتاب اسمه:(تهذيب الكامل)