فماذا صنع الأستاذ السباعي في دار العلوم، ولن يكون إلا الرابع أو الخامس بين أساتذة تلك الدار، مع التسامح الشديد؟
سادساً - برَّأ الأستاذ السباعي نفسه وطهَّر تاريخه من التلمذة للشيخ سيد المرصفي، فأين هو من تلاميذ الشيخ المرصفي وكان منهم محمد إبراهيم هلال، ومحمود حسن زناتي، وأحمد حسن الزيات، وعلي عبد الرزاق، وطه حسين؟
سابعاً - ترك الشيخ المرصفي ذخيرة عظيمة، منها: شرح الكامل، وشرح الأمالي، وشرح الحماسة، وشرح العقد الفريد، وشرح أراجيز رؤية وأراجيز العجاج؛ ومنها: التعقيب على لسان العرب، والنص على أغلاط صاحب المفصَّل والكشاف. فماذا صنع الأستاذ السباعي، وكان عمره موقوفاً على نقل نصوص الكامل من مكان إلى مكان؟!
ثامناً - أثَّر المرصفي في عصره أبلغ التأثير، فكان الرجل يتشرف بالانتساب إليه، كما صنعتُ حين رثيته يوم وصل نعيه وأنا طالب في جامعة باريس، فكم طالباً يسرُّهم أن يقولوا: إنهم تلاميذ السباعي بيومي؟!
تاسعاً - كان تلاميذ المرصفي يقيِّدون جميع ما ينطق به، ولو عن طريق المزاح، وقد قيدتُ من كلامه ثلاثين كراساً، فأين ما قيَّد تلاميذ السباعي من كلامه البليغ؟
عاشراً - دخلتْ مؤلفات الشيخ المرصفي على القلوب بدون استئذان، ولم يدخل كتاب الأستاذ السباعي دار العلوم إلا بعد أن صار أستاذاً بتلك الدار، وبعد أن مات الشيخ علاّم!
أما بعد، فهذه طلائع لغزوة شريفة تنقل عقل الأستاذ السباعي من وضع إلى وضع، وذلك فضلي عليه، وهو واجب الصديق نحو الصديق؛ وقد تلطَّف فأشار إلى أنه سيخاصمني خصومة أدبية، وهي خصومة أرحب بها كل الترحيب، لأني أشعر شعوراً صادقاً بأني موكلٌ بإحياء العزائم والقلوب.
وقد أسرف في الكرم فأعلن أني لن أجترئ على الكتابة بعد أن ينشر في (الرسالة) كلمتين!
وأقول: إني لن أصفح عنه أو يشتغل محرراً متطوعاً بمجلة (الرسالة) ثلاث سنين، كما قهرت أخاً له من قبل على أن يشتغل محرراً متطوعاً بجريدة (البلاغ) ثلاث سنين!
وهي محنةٌ صُبتْ من شاهق على الأستاذ السباعي، فليتحملها صابراً، وليوطن نفسه على أن الخصومة بيني وبينه لن تنتهي قبل بداية شهر مايو، وهو الموعد الذي حدده الشيخ