وهنا أتعب السباعي نفسه فأثبت في الهامش نقلاً عن المضاف إلى المتن أن هذا الشاعر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وهذا خطأ ظاهر، وإنما الشعر ليزيد بن ضبة الثقفي يمدح الوليد بن يزيد، وقد أفضت إليه الخلافة (انظر تحقيق الشيخ المرصفي ج١ ص١٠١ من رغبة الآمل في شرح الكامل)
وعذر الأستاذ السباعي أنه غير مسئول عن التحقيق، لأنه أستاذ بدار العلوم!!
٣ - في تهذيب الكامل ج٢ ص٣٠٧ قال المبرد: روُي لنا أن رجلاً من الصالحين كان عند إبراهيم بن هشام فأنشد إبراهيم قول الشاعر:
إذ أنت فينا لمن ينهاك عاصيةٌ ... وإذ أجرّ إليكم سادرًا رسني
فقام ذلك الرجل فرمى بشق ردائه وأقبل يسحبه حتى خرج من المجلس، ثم رجع على تلك الحال فجلس، فقال له هشامٌ: ما بك؟ فقال: إني كنت سمعت هذا الشعر فاستحسنته فآليت أن لا أسمعه إلا جررت ردائي كما سحب هذا الرجل رَسَنه
والشاهد في كلمة (رجل من الصالحين) فقد أشقى الأستاذ السباعي نفسه بالنص في الهامش على أنه ابن أبي عتيق، نقلاً عما أضيف إلى متن الكامل، فهل سمع أحد أن ابن أبي عتيق كان يُعَد في الصالحين ومساعداته لعمر بن أبي ربيعة تشهد بأنه كان من أهل الخلاعة والمجون؟ لا يُطلَب من السباعي فهم هذه الدقائق، فلنرض تحقيق الشيخ المرصفي وقد نقل أن ذلك الرجل الصالح هو أبو عبيدة بن عمار بن ياسر (رغبة الآمل ج١ ص١٥٥)
٤ - في تهذيب الكامل ج٢ ص٣٠٨ قال الشاعر:
فقلت له تجنّبْ كل شيء ... يعاب عليك إن الحرّ حرّ
ثم قال المبرد في التعقيب على هذا البيت: فهذا كلام ليس فيه فضلٌ عن معناه، وقوله (إن الحرّ حرّ) إنما تأويله أن الحرّ على الأخلاق التي عهدنَ في الأحرار، ومثل ذلك (أنا أبو النجم وشعري شعري) أي شعري كما بلغك وكم كنت تعهد، وكذلك قولهم (الناس الناس) أي الناس كما كنت تعهدهم.
وتعقيب المبرد سديد، ولكن الأستاذ السباعي ينقل في الهامش أن من هذا قول الله عز وجل:(فغشيهم من اليّم ما غشيهم) بدون أن يدرك أن الأخفش الذي نقل عنه قد أخطأ الفهم، فالآية ليست مما اتحد فيه المبتدأ والخبر لفظاً، وإنما هو موصول أسند إليه فعلٌ جُعل مثله