إجابة مطالبهم، معرضاً فرنسا لما يحتمل أن تتعرض له، من ظروف قاسية، لن تكون بحال أقسى مما هي عليه الآن؛ فليس الغريب أن تأتينا الأنباء بمثل ذلك، بل الغريب أن يجيب المريشال بتان هذه الطلبات، ويستسلم للتهديدات، في وقت وضح فيه الطريق أمام الحلفاء، واتسعت فرجات النور وسط الظلام الذي كان مخيماً على أوربا عند عقد الهدنة بين الفرنسيين والألمان.
إن العوامل التي ترغب الفرنسيين في استئناف القتال، وتحفزهم إلى تجديد النضال، كثيرة وعديدة. تجد هذه العوامل في ثبات البريطانيين، وظهور قدرتهم التامة على الوصول بالحرب إلى نتيجة مرضية. وفي موقف أمريكا التي وعدت رسمياً بمساعدة الحلفاء مساعدة لا تسمح لدولتي المحور بالانتصار بأي حال من الأحوال؛ كما أن القانون الذي يطلق يد الرئيس روزفلت في العمل، على وشك أن يفوز بالإقرار في مجلس الكونجرس. وفي شجاعة اليونانيين، واستبسالهم في الهجوم في الميدان الألباني وفي الانتصارات الباهرة التي أحرَزتها الجيوش الإنجليزية في ميادين الحرب الإفريقية الثلاثة، مما يبشر بضياع الإمبراطورية الإيطالية قريباً. وفي موقف الدول التي لم تدخل الحرب بعد، ولكنها أعلنت في صراحة تامة عن عزمها على الدفاع عن كيانها ضد كل من توسوسه نفسه بمباشرة الاعتداء عليها. وأخيراً في روح الحماس البالغة عند أهل المستعمرات الذين يتحرقون شوقاً إلى ملاقاة العدو، والانتقام للشرف الفرنسي من هزيمة يونيو من السنة الماضية.
وإذا تركنا كل ذلك، نجد أن لفرنسا قوة مادية في أسطولها، وفي مستعمراتها كفيلة بترجيح كفة الحلفاء إذا اختارت أن تستأنف القتال إلى جانبهم. وإذا عرفنا أن الخمسين مدمرة التي أرسلتها أمريكا إلى إنجلترا، كانت سبباً حاسماً في بعض الميادين، خصوصاً في ميدان البحر الأبيض المتوسط؛ فكم بالحرى يكون الفصل لمائة وخمسين مدمرة تملكها فرنسا. لا شك أن عدداً كهذا، يضاف إلى قوة المدمرات البريطانية، وما عساه أن يرد من أمريكا، وما تخرجه المصانع قريباً يكون له فصل الخطاب فيما هدد به الهر هتلر في خطبته الأخيرة من عزمه على مباشرة حرب الغواصات في الربيع القادم.
فإذا ألانت فرنسا قناتها، مع توفر أسباب الثبات، وأجابت الألمان إلى ما يطلبون؛ وقنعت بنصيبها الذي بذلته في هذه الحرب، وبنصيبها الذي قدر لها أن تنتهي إليه، من جرها في