للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلولِ السَّماَحَةِ حُلْوِ اللِّسَانِ ... عَصِيِّ الأبَاءِ بعيدِ الهِمَمْ

تقدَّم فانهارَ مِنْ حَوْلِهِ ... عَلَى الْبَغْيِ رُكنٌ أقِيمَ اغْتِصابا

رَأَى يوْمُ حِطَّينَ تحتَ العجَاج ... جُنودَ صلاَحٍ أسُوداً غِضابا

ألوفُ الرجالِ لدَيْهِ أسارَى ... ومَن فَرَّ ليس يطيقُ اقترابا

وَيُذْعِنُ كلُّ قوِيٍ عزيزٍ ... وتهوِى المعاقِلُ باباً فبَابا

وَدَانَ له القُدْس بعد الإباءِ ... وَأَعْظِمْ بهِ لِلْهِلاَلِ انتِصَارا

وراحَ الْمُظَفَّرُ يُولي الأمانَ ... ويُطِلقُ في (أرْشِليمَ) الأسارى

وَأَجْمَلُ ما كان عَفْوُ الرِّجالِ ... إذا ساقَهُ ما نحُوَه اقتدارا

تَرَفَّعَ لا سَيْفُهُ قاتِلٌ ... بريئاً، ولا وعْدُهُ خاتلُ

ولا غرَّهُ النَّصْرُ في أَوْجِهِ ... ولا خابَ في عَدْلِهِ آمِلُ

وديعُ السِّماتِ جَمِيلُ الأنَاةِ ... وفي دِرْعِهِ أَسَدٌ بَاسِلُ

يَلوذُ بهِ الحقُّ مُسْتَعْصِماً ... وَيَفْرَقُ من وَجْهِهِ الباطلُ

وَأَدْهَشَ أعداَءهُ نُبُلُهُ ... وذاعَتْ أحادِيثُ أفعالِهِ

وأروَعُ ما هَزَّ سَمْعَ الفِرِنج ... من الفضل غُرَّةُ أفضالِهِ

يجود لفدِيْةِ بعضِ الأَسَارى ... لفُرْسانهِ الشُّمِّ من مالهِ!

تَأَلَّقَ في الشرق نور الهلال ... وصاحبه اليُمْنُ في طَلْعَتِهْ

وكان غريباً بأوطانِهِ ... خَيَالُ المذَلَّةِ في هالَتِهْ

تَبسَّمَ في الأُفْقِ بَعْدَ الشُّحُوبِ ... فغاَظَ وَأعجَبَ في بَسْمَتِهْ

وَدَوَّى فأَطَربَ صوْت الأَذَانِ ... جلالُ المصلِّينَ في نَبْرَتِهْ

أفاقَ على نَبَأٍ جاءهمْ ... بنو الغَرْبِ، يَكرَهُهُ السامِعُونا

تثيرُهُمُ النُّذُرُ الشائِعَاتْ ... وَيَقَتِنصُ الفرصةَ الطّامِعُونا

وَيَنْفُخُ في الصُّورِ رُهْبَانُهُمْ ... فيأتي على الصَّيحَةِ الدَّارِعُونا

وهَّبتْ منَ المغْرِب العاصفة ... على الشرْقِ تُنْذِرُ بالراجفَةْ

ففي البحْرِ طائِفَةٌ في السَّفِينِ ... تُسَارِعُ في إثْرِهَا طائِفَةْ

وفي البَرِّ فَوْق مُتُونِ الجِيادِ ... ألوفٌ مُدَجَّجَةٌ زاحفَةْ

<<  <  ج:
ص:  >  >>