للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا هاجَها الزَّحف غَنَّى الحديدُ ... وغنَّتْ حناجرُهم هاتفةْ

أطَلَّتْ على الحشْدِ أسوارُ عَكا ... خِضَمًّا يَزيدُ لديْهَا ارْتِطاما

حَوَى الْمُرْدَ والشِّيبَ والعِلْيةَ الصِّ ... يدَ والتَّابِعبهم خليطاً تَرَامى

نَشَاوَى النِّصَالِ، بأرماحِهِمْ ... جُنونٌ سَقَاهَا هناك احتداما

ومِن دون عَكا شُبُولُ العَرِينِ ... من الشرْقِ يمْنَعُ أسوارَها

يطوفُ على الْجُنْدِ سلطانُهُمْ ... مَهِيبَ الملامِحِ قَهَّارَهَا

مُطاعاً له طَلْعَةٌ في الصُّفوفِ ... تَعَوَّدَتِ الْجُنْدُ إكبارَها

وَيَفْدِيهِ في الحرْبِ أجنادُهُ ... إذا رَاحَ يَرْكَبُ أخطارَها

وَعَزَّتْ على الطالبينَ القِلاعُ ... وإذ مَرَّ عامانِ زِدْنَ امتناعا

وَذَاقَ حُماَةُ الصليبِ الهوانَ ... فما شَهِدوا مِثل هذا صِراعا

أهابوا وقد عَجَّ مَوْجُ المنَايا ... بأَوْطانِهِمْ فأجابَتْ سِراعا

وَلبَّى الملوكُ النِّداَء ففي البَ ... رِّ جيشُ (فِرِدريكَ) جَمُّ العددْ

وجيشُ الفِرِنْسِيسَ حشدٌ عظيمٌ ... وفي البحرِ أسطولُ قلبِ الأسدْ

فتَى الغربِ ريكَرْد خيْرُ السيوفِ ... الجسورُ النَّجيدُ القَوِيُّ السَّنَدْ

فتَى ليسَ يَنْزِعُ عن قَوْسِهِ ... سِواهُ ولا جَلَّ عنهُ أحدْ

وَأَرْغَمَ (رِيكَرْدُ) تلك الحصونَ ... فما إن تَطَامَنُ إلاّ لهُ

وَإِنْ كان لاَقَى من ابنِ القِفارِ ... من البطشِ والبأسِ ما هالهُ

وكانَ (صلاحٌ) رَمَى بالرِّجالِ ... (فِرِدْرِيكَ) يَدْفَعُ إِقبالهُ

وما كادَ يُزْهَى بإِكليلهِ ... فَتى الغَربِ حَتَّى اعتراه الهزالُ

أَلَحَّ على جِسْمِهِ الْقَسْوَرِىِّ ... لدى ساحِة المَوْتِ داء عُضال

ثَوَى اللَّيْثُ حيناً على رَغمِهِ ... وَعُلِّقَ - حَتَّى يُبِلُّ - القِتال

يُعَذِّبْهُ خَوْفُهُ أن يطولَ ... ضناهُ، وأن يَتراخى الرِّجال

وَأَعْجَبَ ذاكَ الهصورَ المريضَ ... طَبيبٌ سعى من لدُنْ خَصْمِهِ

يقول لهُ قومُهُ: أَقْصِهِ ... وَنَجِّ دِماءكَ من سُمِّهِ

فقال: جَهِلتُمْ لعَمْرِي صلاحًا ... تَنَزَّهَ عن ذاكَ عالي اسمِهِ!

<<  <  ج:
ص:  >  >>