منى يوم تغدو هذه اللآلئ لي. وقد وطنت النفس على إحرازها. فاذهب بها الآن إلى الدوق. وأطنب في مدحها ما استطعت.
كان من اكبر ما يفخر به تشليني الصراحة والأمانة، ولقد طالما جنيت عليه الأولى، وأفقدته الثانية شيئاً كثيراً من المكسب والمغنم؛ ومن قبل ما جنت عليه صراحته يوم كان في بلاط فرنسوا الأول ملك فرنسا. فرأى نفسه فجأة وقد غضبت عليه مادام (ديتامب) معشوقة الملك، أصبحت له عدوا عنيدا، لا تجدي مع عدواتها صداقة أحد، حتى ولا صداقة الملك نفسه. . . فلم يلبث أن اضطر إلى مغادرة اكبر ملوك العالم أغناهم وأسخاهم. والآن أيغضب الدوقة العظيمة، دوقة فلورنسا! من اجل كلمة تريد أن يقولها، فيرتكب في فلورنسا - وطنه العزيز - ما ارتكبه في فرنسا من قبل؟ ويفقد ما ناله في قصر الدوق من حظوة ومن مقام رفيع؟
تناول العقد، ومشى به إلى الدوق - وقد عزم على أن يقول كلمات قلائل يمدح بها العقد، ولعل الدوق أن يغفر له هذه الخطيئة من اجل الأميرة. . فلما رآه الدوق قال - ما الذي جاء بك يا بنفنيتو؟ قال - عقد جميل من اللؤلؤ أردت أن انصح مولاي بشرائه فأني ما رأيت عمري ثمانين لؤلؤة كريمة قد نظمت في عقد بمثل هذا الحسن الباهر، وهذا التنسيق البديع.
قال الدوق - ما أنا بالذي يشتري لآلئ مثل هذه، فلقد رأيتها من قبل، فلم يرقني منظرها ولا حسنها. وما هي بالنادرة كما تزعم ولا النفيسة!
قال - عفواً يا مولاي! أنها وأيم الحق دررغوال، ولا أعرف أن عينا رأت عقداً منظوما كهذا العقد، حوى دررا كهذه الدرر! قال الدوق - والله يا بنفنيتو! لو إن هذه الدرر من النفاسة بحيث تذكر لما ترددت في شرائها؛ فإنني في حاجة أبداً لإحراز هذه الجواهر الثمينة، حبا في إحرازها، وإرضاء للأميرة زوجي، ولكي تكون هذه الكنوز ذخراً لأبنائنا وبناتنا، وأنا اعلم انك ابصر الناس بهذه الأمور، وأن عينك لن تخطئ في نقدها وتقديرها. كذلك اعلم انك رزقت الصراحة في القول، والأمانة في النصح، فاصدقني الخبر، ولا تخشى بأسا! هل تنصح لي حقاً بشرائها؟
أصغى تشليني إلى كلمات مولاه، فكأنما سقط عن كاهله عبء ثقيل. لقد كان يمدح تلك