اللآلئ بلسانه ويلعنها بقلبه. وكان يعلم وهو يطريها أن هذا المدح يذري به كفنان له رأيه السديد في تقدير الجواهر، ويذري به كرجل أتخذ الأمانة والصدق شعارا. لهذا انكشفت عنه الغمة حين سمع الدوق يناشده الصدق والصراحة، وقال: أني لأخشى يا مولاي - إن صدقتك الخبر عن هذه اللآلئ - أن يشتد علي غضب مولاتي الدوقة، وتصبح لي من ألد الخصوم، فاضطر إلى مغادرة فلورنسا - وطني المحبوب - مرة أخرى. واليوم قد تقدمت بي السن فأن مغادرة الوطن علي شئ عسير. فاستحلف مولاي أن يحميني سخطها؛ إذا لم يضمن لي رضاها! ولقد وعدتني مائتي دينار إن أنا استطعت إقناع مولاي بشراء تلك اللآلئ. وقد كان خوفي من غضبها اكبر من طمعي في جائزتها. أما الآن وقد ناشدني مولاي الصدق، فإني لا يسعني إلا أن اخلص في النصح: إن شراء هذه اللآلئ بذلك الثمن صفقة خاسرة. فإنها لا تساوي اكثر من ألفي دينار؛ فإذا كان لا بد من شرائها فلا يدفع الأمير فوق هذا القدر درهماً واحداً.
قال الدوق - كن مطمئناً! إن الدوقة لن تعلم شيئا مما قلته لي الان، ولن يمسك منها آذى. وسأذكر لك أبداً هذا الإخلاص في النصيحة!
عند ذلك دخلت الأميرة؛ وقد ظنت أن قد مضى من الزمن ما يكفي لإقناع زوجها بشراء العقد. وأن قد آن لها أن تضم صوتها إلى صوت الفنان فقالت:
- عسى أن يكون مولاي قد راقه هذا العقد النفيس فأنه قلما وقعت عين على عقد يضاهيه حسنا ورونقا، وما اشد رغبتي في اقتنائه وادخاره!
- لست ارغب في شرائه.
- لماذا يضن علي أميري الكريم بهذا العقد الثمين؟
- لأني لا أريد أن تذهب أموالي هباء.
- أيظن مولاي إن أمواله تذهب هباء، حين يقتني بها درراً غالية كهذه الدرر التي قل ان يكون لها في العالم نظير؟ كيف وان بنفينتو نفسه - الذي يضع فيه مولاي بحق كلثقته - قد رآها فبهرته وسحرته، وقال إن الأمير لو دفع في هذه اللآلئ ستة آلاف دينار لكانت صفقة رابحة.
قال الدوق: إن بنفينتو لم يقل شيئا من هذا. بل لقد ذكر لي الساعة إنها لآلئ خسيسة؟ وان