(فيثاغورس) في الأعداد، وأنه استطاع أن يجد قاعدة عامة لإيجاد الأعداد المتحابة. وقد أوضحناها في كتابنا (تراث العرب العلمي)، الذي انتهينا منه، ومنعتنا ظروف الحرب من طبعه في هذه الأوقات
وثابت أول شرقي بعد الصينين بحث في المربعات السحرية وخصائصها؛ ويقال إنه قسم الزاوية إلى ثلاثة أقسام متساوية بطريقة تغاير الطرق التي كانت معروفة عند اليونان
واشتهر ثابت بالطب وبمؤلفاته القيمة فيه، ولم يكن في زمنه من يماثله في هذه الصناعة. ولا أظن أني بحاجة إلى القول أني لست من فرسان هذا الميدان، لذا أترك البحث في مآثره الطبية إلى من يعنون بناحية الطب عند العرب، ولكن لا بأس من إيراد هذه القصة الآتية التي تدل على ثاقب نظر ثابت وسرعة خاطره وحدة ذكائه. جاء في كتاب (أخبار العلماء بأخبار الحكماء) ما يلي: (. . . وحكى أبو الحسن بن سنان قال: يحكى أحد أجدادي عن جدنا ثابت أنه أجتاز يوما ماضيا إلى دار الخلافة. فسمع صياحا وعويلا؛ فقال: مات القصاب الذي كان في هذا الدكان؟ فقالوا له: إي والله يا سيدنا البارجة فجأة؛ فقال: ما مات، خذوا بنا إليه. فعدل الناس معه وحملوه إلى دار القصاب، فتقدم إلى النساء بالإمساك عن اللطم والصياح، وأمرهن بأن يعملن مزورة (وهي أكلة معروفة في ذلك العصر)؛ وأومأ إلى بعض غلمانه بأن يضرب القصاب على كعبه، وجعل يده في يده في مجسه، وما زال ذلك يضرب كعبه إلى أن قال: حسبك. واستدعى قدحا وأخرج دواء ووضعه في القدح مع قليل من الماء، وفتح فم القصاب وسقاه إياه فأساغه، ووقعت الصيحة والزعقة في الدار والشارع بأن الطبيب قد أحيا الميت، فتقدم ثابت يغلق الباب، وفتح القصاب عينه وأطعمه (مزورة) وأجلسه وقعد عنده ساعة؛ فإذا بأصحاب الخليفة قد جاءوه يدعونه فخرج معهم والدنيا قد انقلبت، والعامة حوله يتعادون إلى أن دخل دار الخلافة. ولما مثل بين يدي الخليفة قال له: يا ثابت، ما هذه المسيحية التي بلغتنا عنك؟ قال: يا مولاي كنت أجتاز على هذا القصاب وألحظه يشرح الكبد ويطرح عليها الملح ويأكلها، فكنت أستقذر فعله أولا، ثم قدرت أن سكتة قلبية ستلحقه، فصرت أراقبه، وإذ علمت عاقبته انصرفت وركبت للسكتة دواء أستصحبه معي كل يوم. . . فلما اجتزت اليوم الدار وسمعت الصياح قلت: مات القصاب؟ قالوا: نعم مات فجأة البارحة. فعلمت أن السكتة قد لحقته، فدخلت إليه ولم أجد له نبضاً،