لم أسكت، ومع هذا كنت عضواً في اللجان، وما ذنبي إذا كنت أُدعى وتترك، وأعرف وتنكر؟
فإذا بك تغادر الدكتور طه إلى الأزهريين، تحبط من قدرهم إذا لم ينصروك، وتسلبهم - كاذباً في الاثنتين - أبسط ما يعرف العلماء من أقدار الرجال فتقول:(لم يوجد في الأزهريين من يدرك قيمة الشيخ المرصفي غير الشيخ محمد عبده، وبموت الأستاذ الإمام أصبح المرصفي من الغرباء)؛ ثم تعود إلىَّ تتهمني بأني أريد الإعلان عن نفسي بالقدح في المرصفي، وتطالبني بدفع ثمن هذا الإعلان بلا إمهال، وما كان هذا القدح ولا ذاك الإعلان لي بمراد؛ أما الثمن، فأنا على نقده لك عاجلاً - كما تقول - ولكن فيما يبصر الناس بقدرك
ثم تشرد يا دكتور فتقول:(أنا أعرف أن دار العلوم مدرسة عالية، لا يزورها أحد من المفتشين إلا إن ظمئ إلى فنجان من القهوة يحتسيه في مكتب العميد أو مكتب الوكيل)؛ وتخرج منه إلى أن محاسبتي لذلك من العسير، والحق أني لست فاهماً ما تعني بهذا الشرود. أتريد أن يغير نظام التعليم، فيدخل التفتيش إلى التعليم العالي قلباً لأبسط مبادئ التعليم؟ أم تأمل إذا انقلبت الأوضاع أن تكون المفتش لدار العلوم؟ وإذا كورت الشمس وكان ما تريد، فهل تحملك رجلاك لتقوم بهذا الحساب؟ أضنك على علم في كل هذه الأسئلة بالجواب، كما أنك على جهل بأن الدرس الذي أعطيه في الجامعة الأمريكية، إنما هو في قسم من أقسامها العالية - ولولا ذلك لم أعطه - هو قسم الصحافة والأدب، وشأنه في ذلك شأن دار العلوم وسائر المعاهد العالية التي يشرف على الدراسة فيها: ضمير الأساتذة ورقابة الطلاب، وهما أدق تفتيش
وأخيراً تكثر من هذه الجملة (لا تشتمني يا سيد سباعي) معقباً إياها بتعاليل هي الأباطيل. فالشتائم أنت وأنا عن الشتم بعيد، وإذا كنت تلحن لي في ذلك بأنك (شتيم)، فأنا ألحن لك (بأني بشر ابن عوانة). وهاك تعليلاً منها ليس من الشتم، ولكن الشتم منه هو قولك لي:(فما أملك محاسبتك لو أردت الانتصاف لنفسي، وماذا أقول في تجريحك ولست بشاعر ولا كاتب ولا مؤلف ولا خطيب)؛ وأنا أقول إن لك في هذا أن تجاب:
فأما الشعر، فلو رضيت لنفسي ما قلته كما رضيت أنت ما قلت، لسويته ديواناً كما سويت، ولوقعت في الشرك كما وقعت، فقد اغتررت في طبع ديوانك بضحك من غرّروا بك،