عليها، والغايات التي نسعى إليها، والمنافع التي نتكالب في سبيلها. . . ولكنها دنيا الحياة الحرة التي لا تستعبد فيها نفوس، ولا تحني رؤوس، ولا تبذل كرامات.
. . . لقد ضل القوم يا رسول الله. . . وزين ذلك في قلوبهم. . . فمن يكشف لهم عن وضح الحق؟. . . من يرفع علمهم حجب الضلالات؟ ومن يصرف هذه السحب القاتمة من فوق رءوسهم، ومن بين أيديهم تشوه فيهم العقيدة، وتفسد عليهم الإيمان
- ٤ -
يا رسول الله إلى الناس. . . لقد عمى الناس عن الخير، لا يفقهون معناه ولا يحسون جماله، وإنما يتخبطون في ظلمات الشر وفي دياجير الخصومات. في أيديهم حراب، وفي أيمانهم قذائف، وعلى وجوههم أقنعة. . . يتراشقون السهام ويتبادلون القذائف، ويصطرعون في هذه الكهوف المعتمة من المادة، وهذه الأجواء الضيقة من الطيش. . . فهلا انتبه أنصارك يا رسول الله في هذه الفترة من الزمن، فانتهزوا الفرصة البارقة، ينشرون أردية السلام، ويبعثون دعوة الحق، ويهتفون بالصيحة الكبرى!. . .
. . . حبذا يا رسول الله. . . حبذا الساعة التي ينشدون فيها نشيد اليقظة ويرددون صرخة الحق، ويحققون أروع ما جئت به من مبادئ السلام، وتتموج على حاشية الأفق راياتهم التي تذكر الناس أكرم ما دعوت إليه وما جاهدت من أجله. . . وتتلألأ في صفحة السماء آياتك الغر، تهدي السالكين، وتأخذ بيد الحيارى، وتزرع في النفس معاني الحب والطمأنينة والغبطة
- ٥ -
ألا هل في قوانا طاقة، وفي وسعنا جهد. . . فنحمل هذا العبء يا رسول الله؛ وننهض بهذه الصرخة، ونوقد المصباح: زيته من دمائنا، وذبالته من نفوسنا؛ ونجعل من أجسامنا مغرز الراية ومغرس العلم؟. . . وهل في أعمارنا آجال فنرى هديك فوق كل هدى، وكلمتك فوق كل كلمة، وتنعم أعيننا بالإنسانية المطمئنة إلى الحياة الآمنة التي تختطها، والسبيل السوي الذي ترسمه؟. . .
. . . إن العالم يا رسول الله ليموج في حالك من الظلمة، وإنه ليسبح في جاهلية من