١ - قرأت في العدد ٣٩٧ من الرسالة الغراء كلمة للدكتور زكي مبارك، توجيهاً لغلطة في ضم الظاء من كلمة (الظرف). فقد قال:(أنا أقول إن الظرف قد أخذ حكم اللطف من طريق الإتباع، ثم بقى له الحكم مع الانفراد. . . والمصريون عرب، وهم لا يخطئون في لغتهم عن جهل، وإنما (يخطئون) لأسرار قد تخفي على بعض القراء، فنتوهمهم مخطئين وهم على صواب) الخ ما قال
ومعنى هذا كله أن الدكتور قد أخطأ، فشقّ عليه أن يعترف بالخطأ، فراح يتلمس أمثال هذه العلل. نحن لا ننكر أن جمهرة المصريين من أصل عربي، وأن لغتهم تتكون من لهجات القبائل العربية التي نزحت إلى مصر، وأنها تشتمل على كثير جداً من الفصيح، وعلى كثير جداً مما يحتاج إلى يسير من التهذيب والصقل حتى يعود صحيحاً. ولكنا ننكر أشد الإنكار أنهم لا يخطئون في لغتهم، بل الخطأ والتشويه فاشيان في صميمها. وما ظنك بأمة خالطت الأعجام من كل جنس قروناً وأحقاباً طوالاً. ولخطر المخالطة والامتزاج جَدّ السلف من اللغويين في ضبط اللغة ووضع قواعدها وجمع مفرداتها من أفواه العرب الخلّص، حفاظاً عليها من أن تتسرب إليها العجمة والتشويه. أفبعد كل هذه المخالطة والامتزاج نجرُؤ أن نحتج بكلام المصريين وضبط للألفاظ؟
ألا إن هذا المذهب إغراء صريح للشباب بالاستهانة بالبحث وأخذ اللغة من مصادرها الصحيحة
وقد اذكرني هذا أني رأيت في الرسالة منذ قريب كلمة لفاضل نبّه فيها الدكتور على أنه من غير الصواب أن يقول:(أمكن له) لأن الفعل متعد بذاته، ولكن الدكتور لم يجبه. وبينما كنت أتصفح للدكتور من بعد ذلك مقالاً في (الرسالة)، وجدته يُؤْثر الخطأ نفسه، حتى لا يقال - فيما أظن - إنه اعترف بأنه أخطأ. وقد يجيب الدكتور عن هذا بأن المصريين